mardi 10 juin 2014

جنون الإيمان !

نص:

جنون الإيمان !

         ضاقت بي الغربة داخل الوطن، كل شيء لا يطاق.. هذا ليس وطني، أو ربما لوثوا أرضه وهواءه ودينه، وبات غريبا، وطن بلا طعم ولا رائحة ولا عقيدة، لكن المصيبة أنني أومن به.. تبا لك يا وطن !!
        في أوج غضبي وغليان دمي سألت نفسي: "من أكون؟"
         هربت من نفسي إلى نفسي، فضمني شيطاني الذي ينتشي تعذيبي بوجع همساته التي لا تتوقف، وبسرعة تملصت وهرولت بعيدا، هربت من نفسي ومن شيطاني، طردته من قرارة نفسي، وهربت بعيدا وراء الصمت، وسافرت عبر الزمن إلى التاريخ العميق، وجدته مزاجيا فيما يحكي، واشتدت حدة غربتي أكثر فأكثر، فعدت أدراجي هاربا إلى زمني الوقح.. وضاقت بي الغربة، وهربت من نفسي إلى نفسي، عدوت وعدوت حتى بت وحدي، أو هذا ما اعتقدته، وبعد حين اقتحمني شيطاني بهمسه القاهر:"لقد تحيرت في أمرك يا رياض، لم أعد أفهمك، لما تسير في الطرقات وتحمل عود ثقاب مشتعل في واضحة نهار مشمس؟ ما اظنك إلا وقد أصابتك حمى الجنون !"..
         لم أهتم لهمسه، تابعت عدوي بعيدا عنه، وحر الشمس يلفحني، ويدي اليمنى بعصبية أمددها إلى الأمام أشد بالخنصر والإبهام على عود ثقاب مشتعل كأني أضيء به طريقي المظلم تحت الشمس.. وفي ثواني يحترق عود الثقاب، ولفح لهيبه خنصري وإبهامي، وبسرعة نفضت يدي وأنا أنفخ على خنصري وابهامي، وأمتصهما من حين لآخر، لأخفف ألم حرقة النار.. وتتكرر عملية الاشتعال والحريق والألم، وكلما ابتعدت عميقا داخل نفسي يطغى همس شيطاني أكثر، ويقهرني أكثر، وأحترق أكثر، وأتألم أكثر.. تابعت هروبي وبين أصبعي عود ثقاب مشتعل آخر، ثم آخر، ثم آخر، أتحمل حر اللهب ، كأني أنقب عن الشمس وأنا أصرخ في وجه حيرته: " إني أبحث عن الوطن، اتركني وحالي، ابتعد عني، لقد آلمتني كثيرا.."
        ببرودة همس شيطاني:"يا لك من مجنون !!"
       وبابتسامة باردة همهمت:"تعلم ذلك جيدا، ولولا جنوني لخنت الوطن. "..
       تركته حائرا، وتابعت هروبي من نفسي إلى نفسي في زمن العبث والخيانة..


 رياضي
البيضاء، مارس 2014

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...