mercredi 31 juillet 2013

Storm's heart ! قلب العاصفة

إهداء: إلى شهداء الكلمة والتاريخ والوطن،  إلى كل عربي إنسان يحترم الشيطان المتمرد في داخله من أجل وطنيته وإنسانيته..  تحياتي
نص:
قلب العاصفة ! Storm's heart

دون إرادة منه أتى إلى هذا العالم الموبوء الفاني، مغمض العينين، يصرخ بصوت عال، في الوجوه المرحبة بقدومه، بالابتسامات والزغاريد والرقصات وأدعية الصلوات،كأنه يأبى المجيء، أو لا يأمن ترحابهم، أو يصر على شروط أسمى للبقاء، أو يرفض قطعا الانتماء..

رغم تمرده الصارخ صنفوه ملاكا، ومنحوه لقب عبد الله، نسبة إلى البشر، عباد الله؛ منذ الصيحات الأولى كان عبد الله يسترعي الانتباه، فصراخه ملغوم باستفسارات صامتة، تفجر حيرة الترقب والحذر من سكون وصخب المكان والتاريخ والإنسان؛ والطبيعة،  رغم غدر بني البشر، لم تنسها هواجسها أن تزرع فيه الحدس النزيه، وتلقنه فنون حرب الغاب، ليحمي ظله من فخاخ الكلام..

كانت السذاجة وعزة النفس، التي امتصها من ثدي الطبيعة، قد صنعت مفعولها في شرايينه، ولا شيء يهدئ قلبه، المسكون بعاصفة الإنسان والوطن؛ ومضى يمتهن العصيان، فامتنع عن الرحيل إلى وراء البحر لبناء ما دمرته هلوسة العجوز الشمطاء، انتابه إحساس بأنها ستتنكر لتضحياته وإخلاصه، وتقذف به جسدا هامدا بعد أن تمتص دماءه الأصيلة، فضل أن ترتوي بها مرضعته، التي ضاقت الويلات من أجل بقائه، وأحس المرارة تقطر من عيون الغزاة والخونة، ولم يهتم لأمرهم، وحلق في مدى حدسه المزعج..

 مرت سنوات خانقة بالقهر والتنكيل،كان يمارس في الأعماق رفضا لما يحدث أمامه، شيء يؤزمه في كرامته، ويقلق حياته، فاختلقوا شكوكا، في محاولات عاجزة،  لإخماد عاصفته، واستشاطت أنفاسه الغاضبة، واستنشق عمق السماء والأرض والوطن، وأبى المقايضة مع الذين كانوا يهابون أشياء لا تبعث على الخوف، وتبنوا الخطيئة، وتواطئوا مع العاهرة العجوز ضده، وتواروا إلى الخلف، وانتصبوا في أبراج خيالية، وهيجوا أدران القلوب، وأفرزوا ذئابا تحرص على خيانتهم، مما جعل اللصوصية ممارسة عادية أمام أعينهم، واقتحم الألم النازف دواخل عبد الله، والابتسامة الهادئة لا تفارق غرة وجهه، تغازل إرهاب الواقع، وتهمس للأعين الناظرة ما لا يجرأ أن يقوله اللسان، وطال زمن العيش على سكينة التوتر الصعب، ابتلع أحلى أعوام عمر عبد الله.

وبعد سنوات شنق الأنفاس، واعتقال الأحلام، وهدر عزة النفس،  سنوات طواها القهر والتاريخ الصامت، نبهه حدسه أن شيئا سيحدث قريبا، ويشعل قنديلا في واضحة النهار، ويحرق الخيانة، ويقتلع حماتها؛  إنها مسألة وقت، فالتاريخ لا يرحم..

في ليل العاصفة اشتد  القلق المضطرب في أعماقه،  وتنهدت الأرض عميقا، واهتاج غضبها، وتأوهت الريح الشاحبة، وتجهمت ملامح السماء، وزمجرت عاصفة سوداء، وهب إعصار عنيف، أنذر أمطارا طوفانية مجنونة، انسابت سيولا وفيضانات داهية، ركضت كاسحة الواقع والأحلام، وبعثرت جثث المقابر، وأغرقت أجساد موتى أحياء البشر، ولأن قلب عبد الله ينبض بالوطن، رسم لنفسه مصيرا لكي لا يموت مجانا، فحدسه لا يخطئ، وإخوته في الرضاع لن يخذلوه، لقد تعاهدت أرواحهم في السماء على عتق كرامتهم كلما اعتصرها بغض اللصوص والكلاب المسعورة بالإثم والخطيئة..

وقف بنفور في وجه الاكتئاب وموت الإحساس، مما أفقد الخونة صوابهم، فصنعوا أقنعة أخرى، وهاجت أشواقهم لموت غريزي،  لانتزاع شيطانه الملاك من داخله، فمارسوا عليه التقتيل أكثر من مرة؛ كان يُغتال لينبعث في كل مرة من أشلائه وطنا، وأرض العرب بلاده، والإنسانية حياته..

ونصب نفسه فزاعة لذئاب الوطن ومن يغتالهم الخوف، وتوغل من جديد في أحضان الطبيعة الأم،  يغمره التاريخ والروح الطليقة، يبحث عن إخوة الرضاع، يبحثون عن بعضهم البعض عبر المصايد المبيتة في الأدغال، والثلوج، والصحاري، والقرى، وزقاق المدن. كان يحضن المعاناة ليستميت الوطن، ولأنه إنسان، هده التعب، وارتداه الصمت، وشيطانه الرابض في أعماقه، يتأمل جنون ذئاب الوطن والتاريخ وكلام الله. في صمته، مازالوا يشهدون بمرارة أن بإمكان الملاك المتمرد في داخل عبد الله خلق المعجزات في زمن العار والخديعة!

                                                          محمد رياضي
                                                           البيضاء، يوليوز 2013


حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...