mercredi 8 juin 2011

!صرخة الموقف النقدي

صرخة الموقف النقدي!
تحية من نوع خاص إلى أي  مسؤول يخاف النقد الذاتي!!!
لست مسؤولا على مستوى ضعف فهم وتأويلات مرضى النفوس.
عندما يصطدم الضمير بمزاجية القامع للموقف النقدي المسؤول، وما يترتب عن ذلك من إشكاليات هدر هامش حرية الرأي والنقد البناء، وانتعاش ثقافة الولاء الزائف، والتراضي النفعي الانتهازي، وسياسة الترقيع الوظيفي والمؤسساتي، أكيد تنشل الحركة التنموية، ويتوقف زمن العقل والتطوير، ويحبل فضاء المجتمع بغليان حقد الفوضى والتدمير الاجتماعي والوطني، المادي والمعنوي ..
لوحات عاصفة بأنين وصراخ الكلمات
في ظل مزاجية شد الحبل وخنق حرية الرأي، من حين لآخر، أتوقف للحظة، وأسافر إلى زمن البراءة.. يشتد ارتجاجي بسبب صداع داخله.. أصوات لم تفارقني طوال حياتي..  يحتد وقعها أكثر عند عتمة اليأس وجاذبية الإغراء، فأستفيق على وعي يعمق التيه في داخلي، ويشتد الارتجاج أكثر فأكثر..
صدّقت تلك الأصوات، وأنا صغير، وتشبثت بها، وترعرعت عليها، شكلت مفاهيمي وقيمي، وقيدت تكوين شخصيتي، ونمط تفكيري، أثرت في سلوكي، وطباعي، ومواقفي؛ وكلما انغمست في واقع الحياة، تصدمني وحشية المجتمع، وتتوتر أعصابي، وأنكمش داخل الصمت، أتأمل الفراغ، وأترقب المجهول، وفي حالات اليأس القاتم، تخترق أصوات الطفولة وجودي، لتمنعني من الارتداد والانحراف عن الطريق السليم.. وفي خضم القلق تتوتر أعصابي؛ ويغريني بياض الورق، ويتملك ذهني اعتصار عصيب، كأني أبحث عن استقرار نفسي؛ فأشعر بقوة غريبة تخترق كياني، وبلمح البصر ينجذب القلم نحو أناملي، وتتغير ملامحي، أتلوى وأرتعد، وأصبح خارج السيطرة، كمن يعاني من داء الصرع.. وتتصلب أعصابي، تعتصر الحبر الأسود، على بساط الورق الصافي البياض، معاني مستفيضة بدبدبات ذهنية.. ولا أعود إلى حالتي الطبيعية إلا بعد انتهاء الموجات الذهنية، لأجد نفسي أمام لوحات عاصفة بأنين وصراخ الكلمات، تجاوزت الشخصي إلى ما هو وطني وإنساني.. ولأنها لم تعد ملكي، تتمرد، وتستقل بنفسها، وبعد أيام تنتزع لها مكانا في منبر صحفي اخترته باقتناع تاريخي وأخلاقي ومهني.. وفي كل مرة يشتد الارتجاج أعيش العاصفة..
شيطاني و هستيرية أبي لهب
وبعد رحيل طويل وعنيد أدركت أن تلك الأصوات الصاخبة في داخلي أعاقت، ولا تزال، تحقيق حقوقي وأحلامي البسيطة.. حاولت، ما مرة، خنقها وتخليص ذاكرتي منها، وأهادن زمن الحياة الوضيعة، وفي كل مرة أخسر المحاولة.. فمن شب على طباع شاب عليها.. فلفتني الأصوات المتمردة في صمت رهيب..
وكلما تململ شيطاني المتمرد، وأفصح عن قناعاتي الفكرية، والوطنية، والقومية، والإنسانية، كلما يثير ذهول، وذعر، وغيض المحتالين ومن في قلوبهم فساد.. تخترقهم دلالات المعاني، ويستشعرون أن عاصفة آتية لا محالة، فتنتابهم هستيرية أبي لهب، ويضمرون لصاحب اللوحة الصاخبة الحقد والكره المبيت.. لا أعير أي اهتمام لخبثهم الثعلبي، لقناعتي أني لست مسؤولا على مستوى ضعف فهم وتأويلات مرضى النفوس.. المهم أن لا أخسر نفسي وليقع الطوفان.. في صمت أواكب الأحداث، ألاحظ، وأسجل، ومن حين لآخر تتملكني العاصفة، وتتفجر انتقاداتي ومحاكماتي الرمزية، تحارب ما يعيق صحوة الضمير، ضمير تنمية وتطوير الوطن، والهوية، وإنسانية الإنسان..
وفي خضم الصراع،  أقاوم.. أقاوم.. وأقاوم كي لا أفقد إنسانيتي.. مقالة وراء مقالة.. محاكمة وراء محاكمة.. لم أترك أي أمل لإغراءات المحتالين والفاسدين، الذين حاولوا شراء ميولاتي، فمزاجية سيدهم، المستبدة الماكرة ، وعدتهم بالمستحيل إن أقنعوني بإرضاء وهم إشباعها، والانضمام إلى هواها، لكن أصوات زمن البراءة لا تهدأ، ترفض ألتمسكن، والرضوخ، والاستسلام، وترفرف بي إلى سماء حالمة، وقلبي يتهجى أبجدية الفردوس الموعود. فتتهجم دواخل النفوس الفاسدة، وتتحرك، وتنفخ زوبعة في نفسية حاميها الفاسد، ويصدر القرار الجائر في حق "حرية التعبير"، ويبيت فخ وضعية مأزقية تؤدي إلى الانهيار، أو الاستسلام، أو عزلة متناسية توتر الوجود..
الأناكوندا و النقد الذاتي
كيف نحقق النماء والتطوير إن عمدت مزاجية القامع المريض، تحت أي ذريعة ، إلى نزع البراءة عن حرية الرأي، لتستبيح نهب صمودها، وتشن عليها حرب عصابات خفية، وتعيث عيونها البليدة فسادا في معان الصمت، لعل النقد الذاتي يفقد شيئا من شهامته الموروثة، ويغمى عليه، ويعتقل دون محاكمة، ويقضى عليه بالضم وقوة العصر والخنق حتى الموت،  على غرار ما تفعله أفعى "الأناكوندا" مع ضحاياها.. أتساءل ما هي حدود حرية الرأي والنقد الذاتي المسؤول داخل المؤسسة؟ هل تتوقف عند عتبة المؤسسة التي يعمل بها صاحب الرأي؟ أم أن لها معايير خاصة تسمح وتمنع لمن تشاء؟ وكيف يمكن أن ننمي ونطور مؤسساتنا الوطنية، كانت إجتماعية، اقتصادية أو إعلامية أو غيرها..؟   
الجرأة والوقاحة بين الأمس واليوم
 عندما أفكر في حرية الرأي المضطهدة ألاحق خطواتي المتعبة، أتوغل في الفراغ اللامتناهي، وأتلاشى في الخيال، وصراخ أصوات البراءة  لا يهدأ في ذاكرتي.. يرتفع الصراخ، ويرتفع، ويرتفع  إلى مستوى سلطة المنع الطاغي.. فألتزم الصمت الصارخ بالرفض. والتزام الصمت، لا يعني التخلي عن الحق، فحق حرية الرأي يخوله القانون والدستور الوطني، وتزكيه المواثيق الدولية، وليست مسألة خوف، وإنما التنشئة ـ الاجتماعية والفكرية والأدبية ـ التي ترعرع عليها غالبية جيلي، من الشريحة التي انتمي إليها، الجيل الذي أتى مباشرة بعد الاستقلال، هي التي تلزمني صمت الموقف.. أفضل الموت على أن أعيش ذليلا، وخائنا لنفسي، وبالتالي للوطن.. إنها الجرأة بين شجاعة الأمس ووقاحة اليوم.. تغيرت المفاهيم والأفكار والقناعات، فجرأة اليوم ليست بجرأة جيلي.. جرأة الأمس، عند أهل الضمير،  تعتمد مبدأ خدمة الوطن دون مقابل، وجرأة اليوم هي وقاحة تتطاول على الشرف والدين والوطن بالمقابل.. جيل الأمس الغالبية ضحت من أجل مبدأ وقضية، وجيل اليوم معظمه يعيش على حساب قضايا.. جرأة الأمس ترفض السكوت عن الحق، باعتبار أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ووقاحة اليوم بجنون تحضن إبليس، وتتنكر لكل جميل..
قبل فوات الأوان
 لا يمكن انتقاد الآخر دون انتقاد ذاتي، فأية حركة تصحيح  فيها الذات والموضوع، وغياب هامش الحرية، حرية التعبير والنقد الذاتي الهادف، يعرقل وضع أي مشروع تنموي إعلامي وحضاري على ركائز أخلاقية وعلمية متينة.. فلندعم قيم حرية التعبير والموقف النقدي البناء المسؤول، ويعاقب النفوذ الجشع، قبل أن ينفجر لغم الضغينة، وتأتي محرقة الحقد الأعمى على الأخضر واليابس.. 
                                                       محمد رياضي
                                                       إعلامي
                                                          الدار البيضاء، يونيو 2011

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...