mercredi 1 juin 2011

الشاشة الصغيرة والعيون البريئة

الشاشة الصغيرة والعيون البريئة

 الطفل بين مطرقة المواد المستوردة وسندان البديل الغائب !

يتفق المهتمون بالقطاع الإعلامي على أن الإعلام وسيلة أساسية في العملية الديمقراطية والتنموية. وتؤكد الدراسات والأبحاث السوسيولوجية والسيكولوجية أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية دون تنمية بشرية، تحترم حقوق الطفولة، كما تنص عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية حول حقوق الطفل، باعتبارها، الطفولة،  القاعدة الأساسية لتكوين الشخصية المستقبلية. وقد ازداد الاهتمام العالمي بالطفل منذ أواخر الثمانينات، عند توقيع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في 1989، وتلاها مؤتمر القمة العالمي للطفولة، تحت إشراف الأمم المتحدة في 1990، وانعكس الاهتمام العالمي بالطفل على المغرب(1) وباقي الدول العربية،  وتوالت العهود والقوانين والإعلانات، وتوصيات المؤتمرات العربية التي انعقدت من أجل الطفل،  وأولت الحكومات العربية اهتماما لحماية الطفل، ورعايته، وتثقيفه، وتنمية شخصيته، واكبتها حملات إعلامية استعراضية! فبات التلفزيون العربي أداة للإخبار وتقديم المعلومة، وتوجيه السلوك، وتحديد التربية، وتشكيل شخصية الطفل، لكن معظم البرامج الكرتونية الموجهة للطفل ثقافتها مخالفة للبيئة والموروث الثقافي العربي،  ويكرس غزوها للذهنية البريئة، من جهة، غياب إنتاج تلفزيوني عربي مدروس موجه للمواطن الصغير،  ومن جهة أخرى، غياب برمجة علمية هادفة،  ومستقلة عن البرمجة العامة؛ فسيطرت نفسية جديدة على الطفل، وأخذت تتبخر قيمه الموروثة في المحيط الدولي الذي تهيمن عليه الثقافة النفعية.
زمن ثقافة الصورة و الإعلام بلا حدود:
يعد التلفزيون من أكثر وسائل الإعلام انتشارا في المغرب والعالم بأسره، وأسرعها فاعلية في عمق التأثير السيكولوجي للمشاهد، وبالخصوص الطفل. تأثير قد يكون إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا يعيق تكوين الطفل وتطويره، ويفسد ذوقه،  ويجعله فاقدا للإرادة البناءة،  "فقد يحيا الطفل، ولكنه معتل الصحة، سلبيا إزاء الأحداث، لا يتمتع بفكر فاحص، وهو بذلك يصبح ثقلا على مسيرة الأمة في زمن يتسارع فيه التطور وتزداد التحديات البصرية..." (2)
وفي الحياة الراهنة، التي تخترق فضاءها مئات الأقمار الصناعية، يصعب علينا الاستغناء عن التلفزيون،  ويشتد الأمر في منع الطفل وإبعاده عن هذه الشاشة الساحرة بالمتعة البصرية وتأثيرات ثقافات مختلف الفضائيات العالمية.  والدول المتقدمة، صانعة التلفزيون والأقمار الصناعية،  فطنت لفاعلية الجهاز في تنمية شعوبها، فأولت أهمية كبرى لطفولتها، ركيزة الحضارة المرتقبة، ووفرت لها ما يلزمها من الرعاية الصحية والتربوية والتعليمية والثقافية والترفيهية، والإعلامية.  بالنسبة لهم ".. الطفولة هي حجر الأساس في بناء المجتمع، ويجب أن تتوافر لكل طفل عزته وكرامته، وأن يتأكد فيه احترامه لنفسه وذاته، حتى يشب محبا لبلده.." (3)؛ عناية هادفة، تعتمد على قرار سياسي مسؤول، ومناهج علمية في التربية، والتكوين، والإعلام،  من أجل بلورة ظروف ملائمة لتنشئة الطفل ونموه وتطوره،  فسخرت التلفزيون للتلقين والتنمية. وجاءت الرسوم المتحركة، كفن يفسح المجال للخيال وصياغته بصرياً بشكل فني معبر. وقد ظهر فن الرسوم المتحركة مع بداية فن السينما، وتطور إلى صناعة قائمة بذاتها مع والت ديزني(4). فوضعت الدول، الحكيمة مع شعوبها، استراتيجيات لإنتاج ما تستوجبه ضرورة الاستهلاك المحلي، لكل مرحلة عمرية من نمو الطفل،  لتنمية الخيال ، والتكيف مع ذهنية المرحلة المستهدفة، ترفيهيا، وتربويا، ومعرفيا ، ووطنيا. وفي خضم تصادم المصالح بين الشرق والغرب، إبان فترة الحرب الباردة، أدخل المعسكران، الغربي والشرقي، في تحايلهما الديمقراطي لغزو الشعوب النامية،  الطفولة كقوة لم تنضج بعد، فرسم كل معسكر خطة لشحنها بإيديولوجية معينة والاستحواذ عليها، فأنتج كل معسكر ثقافة للتصدير،  مررها عبر مواد تلفزيونية موجهة لتعليب وعي الأطفال ، وترسيخ التبعية والولاء للثقافة الغازية.. واستطاعت الصورة التلفزيونية الغربية، ببراعة إخراجية فنية عالية متكاملة بين الإضاءة والألوان والصوت والإيقاع الموسيقي المؤثر، والخيال الهادف،  أن تزرع في نفسية طفل المجتمعات المتخلفة،  وهو في طور تكوين هويته، مفاهيم مغلوطة لصناعة مواطن مستغرب.. (5) خطاب إعلامي إيديولوجي  انتهازي  تحقيري يعزز  قانون الغاب،  ويكرس ثقافة استسلامية تضرب الطفل العربي في عمق هويته العربية والإسلامية،  التي تربطها الثقافة المغلوطة بالعنف والعنف المضاد، وتصفها بأبشع الصفات، وأحقر  النعوت، وتشخصها، في رسوماتها المتحركة، في أدوار وضيعة وشريرة.. (6)  ونتيجة لغياب أعمال "كرتونية" وطنية وعربية وقومية بديلة  من جهة،  وضغط الواقع المعيشي المزري من جهة ثانية، وقهر الإحباط السياسي الوطني والعربي من جهة أخرى يتبنى الطفل المقموع مبادئ  الإعلام الغازي المكرس للمصلحة النفعية والعنف والقوة العدوانية الجسدية والفكرية .

التلفزيون العربي والبرامج المستوردة : 

وإذا أخذنا بعين الاعتبار مدى تأثير التلفزيون في تغيير طباع الطفل، وتشكيل شخصيته،  فماذا تقدم الشاشة المغربية لتنمية طفولتها أمام هذا الزحف الخارق للبرامج التي تهيمن عليها إيديولوجية طاغية سالبة لكل ما هو عربي، ومسلم، وإنساني..؟
فإن كان التلفزيون هو الرابط بين البيت، والمدرسة والشارع، فأي مساهمة تجسدها الشاشة الصغيرة في تنشئة أجيال الغد؟ هل البرامج المقدمة على الشاشة المغربية تحقق للأطفال ما يرغبون فيه من متعة بصرية، ومنفعة معرفية، وفائدة خيالية؟
على العموم، برمجة الأطفال على الشاشة العربية لا تخضع لأي منهج علمي في تناول احتياجات الطفولة  النفسية والاجتماعية والمعرفية على مدى  مراحل نموها؛ برامج غير مستقلة عن البرامج العامة، ولا تحكمها أهداف تربوية،  توجه بالأساس إلى ملء وقت الطفل دون أي اهتمام بتطوير قدراته، وإبراز مهاراته التي من شأنها أن تساعده على فهم سيكولوجية الإنسان وظواهر الحياة والطبيعة والكون!
والمغرب، كنموذج عربي، لا يخرج عن هذه الدائرة المغلقة، فبرامج الحصص التلفزيونية المخصصة للأطفال معظمها مستوردة،  لا تتوافق والبيئة التي يعيش فيها الطفل المغربي، فالمواعيد اليومية الصباحية والمسائية والأسبوعية تؤثثها مواد رسوم متحركة وأفلام الكرتون، والمنتوج المحلي عبارة عن برامج اعتباطية تجمع بين التنشيط الممل ورهان المسابقات التافهة المضمون، تضبط عمودها الفقري فقرات المواد المستوردة من الغرب وآسيا، ذبلجت الفرنسية منها في مؤسسات فرنسية أو كندية متمكنة من لغتها، والعربية في مؤسسات شرق أوسطية، غالبيتها لا تضبط، أو لا تعير أي اهتمام، لقواعد اللغة العربية. وجل تلك الأعمال تعبث بخيال الطفل،  حكايات خيالية تفوق مستوى النمو الخيالي للطفل(7)، شخصيات وأحداث تتصارع فيها عناصر القوة المادية والمصلحة الفردية العدوانية، في عوالم غريبة، أبطالها أناس آليون، أو حيوانات، أو كائنات غير إنسانية؛ رسوم متحركة تجسد أحداثا وعوالم لا تتوافق ومستوى خيال الطفل المغربي/ العربي.

ثقافة تنسف الثوابت:

وبغض النظر عن الأخطاء اللغوية والنحوية، تقدم تلك البرامج قيما مختلفة عن قيم الطفل المغربي، مغلفة بأيديولوجية تلتهم الثقافة المكونة لهويته العربية والإسلامية والإنسانية، فيطغى عليه الخيال المتفوق، الذي تهيمن عليه الصورة الغربية والأسيوية بنزعتها العنصرية، التي  تستولي على إمبراطورية الإعلام السمعي البصري العالمي(8)،  وتوظفها لتقوية حضور صورة طفلها والمستنسخ عنه في الدول العربية.. وتنجذب براءة الطفل المغربي/ العربي لتأثيراتها بشكل سلبي، فيكسب الطفل ثقافة جديدة ، مبنية على مفاهيم خاطئة، وردود غير عادية تثير الاستغراب، وتطرح عدة تساؤلات حول اهتزاز ثوابت هوية رجل المستقبل.
أما الأعمال الكرتونية العربية فهي نادرة، ولا تحظى بتشجيع القنوات العربية التي قيدت نفسها بالجودة الفنية للمنتوج المستورد، الذي يعتمد على تقنيات متطورة فاعلة ومؤثرة. وتظل البرامج المنتجة محليا محاولات محدودة لا تتجاوز إطارها الجغرافي، ولهجتها العامية؛  في حين تتجاوز برامج الأطفال على شاشات الدول المتقدمة حدود الحساسيات الضيقة، وتجعل المشاهد يشعر بجديتها في اختيار المضمون، والشكل، والفئة الموجهة لها، والمدة، والتوقيت، وأيضا المنشط المتمكن؛ فتجد المنشط ذا موهبة ظاهرة للعيان، وعلى درجة من الثقافة والوعي بالرسالة التي يقوم بها، تركيز واهتمام كبيرين أكثر مما يوجه للكبار؛ على عكس مقاييس اختيار منشطي برامج الأطفال عند  العرب، التي ترتكز على معايير مظهرية على حساب المضمون الثقافي، التربوي والإعلامي، الشيء الذي يستوجب  الاستعانة بمتعاونين متخصصين في التربية والتعليم وعلم النفس والاجتماع للإشراف على  هذه النوعية من البرامج  التي تتسم بحساسية دقيقة ، لأنها موجهة إلى فئة بريئة من المشاهدين، هي قاعدة المستقبل.  
البرامج العربية الموجهة للأطفال "المغرب نموذجا":
 الإنتاجات المغربية من صنف الرسوم المتحركة غير متوفرة، فهي غالية التكاليف؛ وإزاء  غياب إرادة سياسية مسؤولة لدعم دينامية حركية الإنتاج الكرتوني، لم يجرؤ الدرهم المغربي على دخول مغامرة الاستثمار في هذا المجال، إلا فيما يخص بعض الوصلات الإشهارية. وككل القنوات العربية ودول الجنوب التابعة للشمال، منذ سنوات اخترقت شاشتنا فكرة البرامج التنشيطية والمسابقات التجارية، فتوقف الإنتاج المحلي على فبركة برامج مرتجلة، تعتمد فقراتها على البرامج الكرتونية المستوردة؛ كوكتيل، يومي، وأسبوعي، وفصلي، بسيط في تصوره، وفارغ في محتواه، ومحدود في أبعاده..  برامج ترقيعية متشابهة،   لا تنبني على أسس علمية ومضامين هادفة، ولا تتمايز فيما بينها في شيء، تصور ضعيف يمكن لأي شخص خربشته على الورق، وتمريره عبر خطة "خارطة طريق" خاصة تضبط قواعد سيرها يد ماكرة،  لتيسر له الوصول إلى الشاشة ثم فرضه على الطفل..  نوعية لا ترقى إلى البرامج التربوية والتعليمية والترفيهية.. والطفل المعاصر، كائن اجتماعي، يدرك ما يجري حوله، فهو  أكثر وعيا من طفل الأمس، الذي كان مقموعا ومعدوم الحق، محروما من الموقف النقدي، (9) مجرد أداة راضخة، فبات  طفل اليوم يقحم نفسه في موضوعات كان الخوض فيها محرما  على صغار الأمس. أصبح أكثر إدراكا لواقعه الاجتماعي، والوطني، والعربي، والعالمي؛ فطفل المذياع في الخمسينات ليس هو طفل الشاشة الواحدة في الستينات (إ.ت.م )، وطفل الشاشتين في بداية التسعينات   (إ.ت.م  والقناة الثانية)،  ليس هو طفل اليوم المتوفر على مصادر معلومات متعددة ومختلفة التصورات والأبعاد، إنه يعيش زمن ثقافة الصورة والإعلام بلا حدود؛  استهوته اللغة البصرية المتقدمة، فتولد في دواخله مقتا تجاه بساطة بدائية أية شخصية كرتونية عربية؛ في حين، يمتثل لتأثيرات بوكيمون، ودوجيمون،  وغيرها.. أسرت خياله في خيال أكبر، وأكسبته ثقافة جديدة، وشخصية جريئة، وتسعى إلى إلغاء هويته الثقافية.

غياب شخصية كرتونية عربية  يكرس التبعية:

ففقدان القدرة على ابتكار الأفكار، والعجز  عن إعطاء البديل، والاكتفاء بالنقل وتقليد الآخر، وطرح ثقافته بشكلها البعيد عن البيئة العربية والإسلامية يعمق التخلف، ويوقف عجلة التطور،  ويكرس التبعية والانجراف وراء  أية دعاية عمياء، تلهبها حرب السيطرة على السوق العربية، مثلا، كالضجة الإعلامية التي أثيرت في العالم العربي والإسلامي حول برنامج بوكيمون، وربما يكون وراء الحملة المعادية لبوكيمون أحد منافسي الإيديولوجية الغازية الذي هدد نجاح بوكيمون مصالحه الاقتصادية،  فافتعل حساسيات ضيقة، وسربها عبر قنواته الخاصة في المجتمع العربي لتنطلق الولاويل الغاضبة، وتطلق سخطها، باسم الدين، على بوكيمون، وتفرض استبدادها الفكري على مشاهدة الطفل المغلوب على أمره. والمشكل ليس في بوكيمون أو غيره مما يسيء إلى العرب والإسلام، وإنما هل لدينا البديل والبديل المضاد؟ ماذا أعددنا للطفل في مجال ثقافة الصورة؟ أي قناعة سياسية تحكم طبيعة المعرفة التلفزيونية الموجهة للطفل المغربي في وقت تغتصب ذهنيته، وذهنية الكبار أيضا، يوميا مئات الصور محملة برؤى مغايرة عن القيم التي تربى عليها؟ ألم يحن الأوان للقيام بتعبئة وطنية، تأتلف حولها وزارة الاتصال ووزارة التربية والشباب ووزارة الثقافة، تعبئة تحسيسية توعوية تتوج بأيام دراسية حول برامج  الأطفال التلفزيونية، تعمل على رسم  خطط إنتاجية وإعلامية تربوية، ودعم ابتكار شخصيات كرتونية مغربية، تحمل هموم وتطلعات الطفل المغربي؟   ستكون الأيام الدراسية منتدى الخبراء والفعاليات الثقافية والفنية والتربوية والإعلامية وعلماء النفس والاجتماع ومؤسسات المال.. للتحاور حول موضوع الطفل والتلفزيون على ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل   المتعلقة بالمادة 17 والمادة 29، (10) والمغرب يستعد لفتح المجال السمعي البصري في أفق 2005؛ ماذا أعددنا لهذه المنافسة الضارية؟
دعم صناعة الرسوم المتحركة:
حق الطفل التلفزيوني مسؤولية وطنية تضامنية مشتركة، والطفل المغربي  ليس في حاجة فقط لرسوم الجنس الأبيض والأصفر بمؤثراتها البصرية المتقدمة، بل أيضا لمنتوج مغربي وعربي ببساطته الأولية وإمكانياته المحدودة؛ مواد تلفزيونية كرتونية بسيطة، تنمي الشعور بالانتماء، وتقوي الإحساس بالمسؤولية نحو الوطن، الأسرة، الأصدقاء والذات.
ستكون الأيام الدراسية  بمثابة مصحة وطنية استعجالية لتشريح الداء، وإفراز العوائق، بدراسات علمية متكاملة مبنية على نتائج وأبحاث ميدانية دقيقة، والخروج بتصور عام لإعلام تلفزيوني موجه وهادف خاص بالطفل المغربي، يرسخ هويته،  وحمايته وتنميته، من  طفل ما قبل المدرسة  إلى  المتقدم  في السن،   باقتراح صيغ مرحلية لإنجاز نصوص سمعية بصرية مغربية،  ودعم إنتاج الرسوم المتحركة الوطنية، نصوص تساهم في تنمية النشاط الثقافي والمعرفي للطفل:
ـ  برامج كرتونية ، بإمكانيات بسيطة، تسرد قصصا وحكايات من التراث المغربي والعربي والإنساني، بشخصيات كرتونية مغربية لها دلالات في الواقع المغربي.
ـ  كما يمكن تشجيع إنتاج برامج تعليمية، تجمع بين المعرفة والخيال،  تدمج بين الرسوم المتحركة والحركة الحية، لها علاقة بالموضوع المتناول على المستوى الدرامي و التعليمي(11).
ـ وأيضا إنجاز برامج وثائقية بسيطة، تشمل كافة ميادين الحياة الاجتماعية، والاقتصادية،  والتاريخية، والفنية، تتراوح مدة الحلقة ما بين 5 و15 دقيقة.
ـ  كما يجب إعادة الروح الإنتاجية لصنف الأفلام التربوية، التي لا تتجاوز مدة الواحد منها  26 د؛  لنستحضر تجربة المهرجان الوطني للفيلم التربوي؛ المهرجان "الوطني" الذي تعرض لثلاث محاولات اغتيال،(12) لتتمكن منه رصاصة قناص ماكر في المرة الرابعة، وترديه قتيلا، وفي صمت تام طمرت  جثته في النسيان، دون أن يتم تشريحها لمعرفة ملابسات الجريمة، ولمصلحة من نفذت!!؟؟

أعطيني تلفزيونا  أصنع لك جمهورا!!:

فالطفل المغربي/ العربي في حاجة إلى تمثيليات ومسرحيات وأفلام تربوية وأغاني تتغنى بالقيم العربية والإسلامية والإنسانية، وغيرها من البرامج التي تثير فضوله،  وتجيب على تساؤلاته، وتشجعه على البحث والاستقصاء وتنمي أفكاره، وتغني ثقافته،  وتوسع خياله، وتصقل ذوقه الفني، وتفتح له مجال تحقيق مواهبه  الإبداعية، وتنمي روح التعاون والعزيمة. وبذلك يقوم التلفزيون بدوره التنموي في المساعدة على خلق شخصية أصيلة وفاعلة ومسايرة للتطور الحضاري. إنه تطعيم ضد فيروسات البرامج المستوردة التي تحرض على الهروب والتيه في الخيال، وتفسد التركيز، وبشكل مؤثر وسريع، تكرس ثقافة العنف، وتعمل على تكوين جمهور خاص، بذوق وقيم  لا تتوافق والتربية العربية والإسلامية.

فإذا كان دور الآباء ضروريا في التربية، ودور المعلم توجيهيا في التعليم، فإن للتلفزيون العام دور أساسي في تنمية وتأهيل الناشئة،  وتحديد توجهاتها وتأسيس هويتها الوطنية في زمن حرب المعرفة الإعلامية المحترفة. وعلى  الأيام الدراسية الخروج بمشروع وطني برؤية واضحة تساعد على تفعيل العمل التلفزيوني الموجه للأطفال،  لجعلها أداة فاعلة في العملية التنموية، قادرة على مواجهة تحديات ثقافات المواد المستوردة والغازية،  وملبية لطموحات الطفل المشاهد، رجل الغد!  
                                                                                  محمد رياضي
                                                                                  باحث إعلامي
                                                                         البيضاء،آذار  2004
المراجع و الهوامش
1-                      « Congres National  Des Droits De L’Enfant » Réalisé Par L’Association Marocaine de Soutien à L’Unicef  (Casablanca , 25-28 Mai 1994  , Imprimé avec la collaboration de l’UNICEF&  l’ONEP
2- د. زكي الجابر ، "الإعلام والتربية "، الإعلام والمؤسسة التعليمية، الطلاق الذي لم يكتمل،  سلسلة المعرفة للجميع العدد 10أكتوبر – نونبر 1999، منشورات رمسيس، ص 140
3 -  حديث للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في افتتاح المؤتمر الحادي والعشرين الخاص بالطفولة، جمال أبو رية، " ثقافة الطفل العربي"،سلسلة كتابك، العدد 41
4 الموقع الالكتروني: المدرسة العربية للسينما والتلفزيون على الأنترنيت
http://www.arabfilmtvschool.edu.eg                                                            
5- نادية البارودي،"إشكالية الأصالة والهوية في الرسوم المتحركة البديلة"، بحث لنيل دبلوم المعهد العالي للإعلام والاتصال، السنة الجامعية 2001/2002 ص 56-66
6- نموذج: «القط الطائر» إنتاج و. ديزني 1982، «رامبو »، «تان تان»، «علاء الدين» إنتاج و. ديزني 1991 ، «أمير مصر» إنتاج دريمواركس  1999وغيرها... وكل أعمال والت ديزني المؤيدة للأطروحة الصهيونية، والأعمال الكارتونية لمهاجمة رئيس عربي وتشويه التاريخ العربي.
7- د. هادي نعمان الهيتي "ثقافة الأطفال" سلسلة عالم المعرفة، العدد 123 ص 84
8- محمد رياضي "القضية العربية والإعلام المرئي"، صحيفة الصباح المغربية، العدد 630، 631 ، 632
 و633، أبريل 2002.
9- د. مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي، سيكولوجية الإنسان المقهور"، معهد الإنماء العربي، فرع لبنان، الطبعة الرابعة، بيروت 1986
10- العصبة المغربية لحماية الطفولة "أيام للتفكير حول  ميثاق حقوق الطفل"، الرباط 4/5 دجنبر1989، طبعة يناير 1991
11 - نفس موقع رقم 4
12- محمد رياضي ، "من أجل دعم المهرجان الوطني للفيلم التربوي" ، جريدة الإتحاد الاشتراكي، العدد
     5357، أبريل 1998.
 - محمد رياضي، "السينما ...الأطفال و آفاق المهرجان الوطني للفيلم التربوي"، الأحداث المغربية، العدد57،     دجنبر 1998.       
13- مداخلات مجموعة من الأساتذة والباحثين،"الطفل والإعلام التنشئة الإعلامية للطفل المغربي"، سلسلة ملتقى الطفل، منشورات الشعلة،الطبعة الأولى 2001

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...