mercredi 16 mai 2012

الحكاية الأولى: المسؤولية واحترام الذات !!

                 متى نجعل من إنسانيتنا قضية؟
                 العربي أنا وحكايات الإنسان الآخر!
                
الحكاية الأولى:                                                                المسؤولية واحترام الذات !!
                           

إهداء: إلى العربي الإنسان المؤمن ب: " كن عزيزًا، وإياك أن تنحني، مهما كان الأمر ضروريًا، فـربما لا تأتيك الفرصة كي       
." !ترفع رأسك مرةً أخر 
      منذ أن اقتحمت فكري بعض العلوم الإنسانية، وأدركت قراءة ما بين السطور، وتملكتني قوة الحدس والتخمين وافتراض التوقعات، وانتمائي العربي يوترني إلى درجة المقت المثير للغثيان، ليس لأني أعيش اضطرابا نفسيا للرافض لهويته، أو أعاني عقدة الدونية أمام الآخر، أو.. أو.. وإنما لما يتمرغ فيه العرق العربي، بمختلف دياناته ومعتقداته، من وضع بئيس، حقير،  ومقرف، من الرئيس إلى الرضيع، أمام ديمقراطية وإنسانية الآخر.

     سأحكي لكم حكايات بالاختصار الموقوت باليأس والإحباط، وجليد الصمت المحرق، ربما تهتدون، عبر مقاربة تأملية لما تعرضه تلك الحكايات من ظواهر حياتية ومواقف إنسانية، إلى ما أعاني منه، لكن أنا واثق، بأن أي عربي، إنسان الفكر المتخلف، مهما كانت ديانته وقناعاته، لن يختلف عني في القهر النفسي الذي يؤرقني كمخلوق عربي محاصر في حضيض زبالة الإنسانية التي نحيا فيها.

    حكاياتي، يا ناس، لم آت بها من غابر الأزمان، وإنما من صلب الزمن المعاصر، لا يهم الخصوصيات والجزئيات الدقيقة لحقيقة الواقعة المحكية، أكثر ما تهم العبرة  في شمولية الحكاية.


  المسؤولية واحترام الذات !!
        يحكى، سيداتي سادتي، في الزمن الحديث، أن رئيس دولة أوروبية قام بزيارة لدولة عربية عظيمة بذهبها الأسود، ومن شيم العرب إكرام الضيف، وعند انتهاء زيارة سيادة الرئيس قدم له قائد تلك الدولة العربية هدية رمزية ثمينة، تتشخص في حصان عربي أصيل، وأنتم أدرى بقيمة ومكانة الحصان العربي. وتقديم الهدية عند انتهاء الزيارة من تقاليد ونبل الكرم الإنساني، فرح الضيف، الرئيس الأوروبي، بالهدية، وأخذها معه إلى بلده.

       لحد الآن ليس هناك ما يثير الاستغراب في ما حكيته، لكن العبرة في الآتي من الحكاية.

       عند عودته إلى وطنه، وجد السيد الرئيس نفسه أمام مشكلة عويصة، فهو يسكن شقة وليس قصرا، وعليه إيجاد مكان خاص للهدية الأصيلة بعرقها،  فتقدم سيادة الرئيس بنفسه إلى الفندق الخاص بالأحصنة، ليستفسر في أمر استضافة حصانه العربي. استقبله موظف الإسطبل كأي مواطن عادي، يعلم جيدا أنه السيد رئيس الدولة، وتعامل معه بشكل رسمي دون مجاملات أو خوف ورهبة، أو طمع امتيازي، وأملى على الزبون، السيد رئيس الدولة، شروط وواجب الأداء لاستضافة حصانه، من مأكل، ومشرب، وعناية، وتطبيب، وراحة المقام.. تحمل الزبون المسكين، سيادة الرئيس، عبء المصاريف المباغتة، ومن رقي أخلاق سيادة الرئيس الأوروبي، بعث برسالة إعجاب وشكر وامتنان إلى قائد الدولة العربية على هديته الغالية، استلطف القائد العربي الرسالة، وارتاح لإعجاب السيد الرئيس الأوروبي بالهدية، فبعث له بهدية أخرى مماثلة، تعبيرا عن صدق المودة التي تربطهما، ولكم أن تتصوروا الورطة التي وقع فيها، مرة أخرى، سيادة الرئيس الأوروبي.

        السؤال المطروح ليس لماذا الهدية؟ هذا من نبل وكرم الضيافة العربية، وبرتوكولات العلاقات الإنسانية، والعربية لها طابع خاص، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لو أن قائدا عربيا، ملكا أو رئيسا، توصل بنفس الهدية هل كان سيسلك نفس سلوك هذا الرئيس المتواضع؟ وهل كان سيتصرف الموظف العربي سلوك الموظف الأوروبي المسؤول المتحضر؟

       أكيد تتخيلون الإجابة !
       وحتى إن تواضع القائد العربي، ملكا أو رئيسا، وقام، من حين لآخر، بنفس سلوك الرئيس الأوروبي لن يتركوه وحاله، ليس وفاء وحبا، بل طمعا في سلب صدقة أو نهب امتياز لا يستحقه المتطفل.
     أرجوكم، أبعدوا التبريرات الانهزامية، من قبيل العفوية وغياب الوعي والحاجة، وقد صدق عمر المختار، روح ليبيا اليوم، بنصيحته التاريخية، التي يمتزج فيها احترام الإنسان لنفسه بروح الوطنية، عندما قال:

" كن عزيزًا، وإياك أن تنحني، مهما كان الأمر ضروريًا، فـربما لا تأتيك الفرصة كي ترفع رأسك مرةً أخر."

      فسلوكياتنا يحكمها الفكر المتخلف، فكر الاستلاب وقوى السيطرة والخضوع، وغالبيتنا يؤمنون بشكليات التباهي، ومظاهر الاستهلاك، وألتمسكن، والاتكالية، والتماهي بالمتسلط، والعيش على حساب الغير، وتأسرهم السببية الغيبية في تحديد القيم والمواقف الحياتية، لا لشيء إلا لتنمية الفكر الانتهازي، والحفاظ على الامتياز المرهون بالمحسوبية الجشعة، والتبعية العمياء، والهزيمة الحقيرة، والفساد المستبد، فبات البني آدم العربي، رجلا أو امرأة، يستحلي التباكي، والشفقة، والإحساس بالضعف، وانعدمت فيه القيمة الإنسانية، لا يعير اهتماما لكيف يعيش، المهم أن يحيا، حتى وان كان قواد نفسه أو لنصفه الثاني، مع أسفي الشديد للتعبير، تراه يلف شاربه، وينفخ بطنه، ويزمجر، ويملي الأوامر لتنفيذها بدون مناقشة، معتقدا نفسه إنسانا ولا كل إنسان، وشتان ما بين مخلوق بشري وإنسان، كان قائدا، أو مسؤولا، أو مواطنا.. فمتى نجعل من إنسانيتنا قضية؟. 
ولكم الحكاية الموالية..
                                                                                                              محمد رياضي
الدار البيضاء: أبريل 2012

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...