jeudi 26 janvier 2012

!التعليم العمومي: واقع وآفاق

إهداء: تحية إلى المدرسة العمومية، وصرخة لرد الاعتبار.. تحياتي !
قضايا ومواقف:
حوار1  
التعليم العمومي: واقع وآفاق
  "لا يمكن على الإطلاق أن نشكك في المدرسة العمومية، ولكن يجب أن نفكر في السبل والطرق التي تعيد للمدرسة العمومية اعتبارها.."

الأستاذ المحجوب أروبيت، من مواليد 1959، أستاذ السلك الثاني، أو التعليم الثانوي ألتأهيلي، أستاذ لمادة اللغة العربية بثانوية الحسن الثاني نيابة بنمسيك، حائز على شهادة الإجازة في الآداب والعلوم الإنسانية، أستاذ باحث في مجال التربية، ومهتم بقضايا المدرسة العمومية، وفاعل جمعوي..
قضى الأستاذ المحجوب أروبيت أكثر من عشرين سنة في قطاع التعليم،  يعتبرها الأستاذ أروبيت تجربة متواضعة، لكن قصر المدة التي قضاها في قطاع التعليم، لا تقاس بالكم الهائل الذي استفاده من التجربة، وكذلك لا تقاس بالحماس، ولا تقاس بالشعور بالمسؤولية،  والحس الذي جعله يختار مهنة التعليم، ليس عبثا، وإنما مساهمة بوعيه، وبوطنيته في تنشئة المجتمع وأبنائه، وفي إنجاح المسار التعليمي لهذا الوطن .
من خلال الحوار التالي، سيكشف الأستاذ المحجوب أروبيت عن هموم واقع المدرسة العمومية، ومتمنياته أن تظل مبادرات الإصلاح دائمة من أجل هذا الوطن.
  
س) كيف أتت فكرة التدريس قبل 21 سنة ؟
ج) بطبيعة الحال اختيار مهنة التدريس هو إحساس، وشعور، ووعي بمسؤولية تاريخية وتربوية واجتماعية، ولم يكن اختيارا مصادَفا، بحكم ما يجب أن يتوفر في رجل التعليم من قيم أخلاقية، ومن شعور بالمسؤولية التاريخية؛ وبطبيعة الحال إن رجل التعليم لا يشتغل لنفسه، وإنما يسعى إلى تهيئ جيل بأكمله، يتحمل مسؤوليته، ويتمكن من الانخراط في المجتمع انخراطا ايجابيا، ليكون مواطنا صالحا..

س) بعد 21 سنة من التجربة مع الباكالوريا، هل يمكن أن تقربنا من تلميذ الأمس وتلميذ اليوم؟
ج) إن الحديث عن تلميذ الأمس يرتبط بالظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية التي كانت تجعل من المدرسة العمومية حقلا للتكوين، وحقلا للثقافة، وبطبيعة الحال أيضا إن تلميذ الأمس كان يشعر على  أن المدرسة العمومية كانت بابا واسعا لكي ينخرط في المجتمع، وأن يؤسس لنفسه حياة تُخول له أن يكون مواطنا صالحا.. وقد ساهمت مجموعة من الظروف التاريخية في تكوينه أيضا، وفي جعله تلميذا يبحث، ويثقف نفسه، ويساير مقرراته، وله هدف واحد، هو أن يكون ايجابيا، وأن يتمكن من تحقيق ما يحلم به من خلال مشروعه الدراسي، سواء في تعليمه الثانوي أو في المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا.. وكانت المدرسة العمومية حققت، في الكثير من المناسبات، هذه الطموحات، وكان جيل بأكمله حينما يأخذ شهادته يجد عملا؛ أما تلميذ اليوم، بطبيعة الحال، الظروف تغيرت، وسوق الشغل وحاجياته  أيضا تغيرت، وأن التحولات التي عرفتها وسائل التعليم والتثقيف، وسائل الإعلام والتكنولوجيات المعاصرة، إضافة إلى الظروف الاجتماعية والسياسية، جعلت تلميذ اليوم يُحس بنوع من الإحباط، ويحس أيضا بنوع من اليأس، إضافة إلى عوامل أخرى ترتبط بالوضعية العامة للمؤسسة التعليمية اليوم، وهذا موضوع آخر..

س) هذا عن التلميذ، ماذا عن الأستاذ؟
ج) أستاذ الأمس، كما قلت سابقا، إن اختيار مهنة التعليم بصفة عامة كانت ترتبط بشعور داخلي، بمعنى لا يمكن أن يقتحم مجال التعليم كل من لم يجد شغلا، ولكن اليوم، بطبيعة الحال نحن لا ننقص من رجال التعليم، و لكن هناك مجموعة من الأساتذة الذين ـ ربما ـ دخلوا إلى هذا الميدان بحثا عن  الشغل أكثر مما يحسون بما يفرضه عليهم الواجب لا الوطني، ولا التربوي، ولا الاجتماعي، ولا التاريخي أيضا؛ وهذا يجعلنا نحس بأن هناك، كما عبر كثير من أساتذتنا، منهم من رحمه الله، ومنهم لازال على قيد الحياة:"هناك فئتين ، هناك رجل التعليم، وهناك موظف في قطاع التعليم".

س) هناك من يقول أن العقلية وذهنية التلميذ اليوم قد تغيرت عن تلميذ الأمس، كيف ترى ذلك؟
ج) عقلية التلميذ لابد أن تتغير، إذا لم تتغير عقلية التلميذ معنى ذلك أن الواقع لا يتغير، في فترة سابقة كان التلميذ يرتبط بمقرره، بأستاذه، بمؤسسته، اليوم ـ ربما نقول ـ إن التلميذ أحيانا يتجاوز أستاذه، ويتجاوز مقرراته، بحكم الوسائل الحديثة التي أصبحت تسير بشكل مواز للمدرسة العمومية، بل أحيانا التلميذ يحس أنه ـ ربما ـ قد يلتقط المعلومة من وسائل مختلفة بشكل أكثر دقة وأكثر سرعة مما ينتظره من القسم، أو من الأستاذ. ولذلك لابد للعقلية أن تتغير، ولكن ما نطمح إليه هو أن يكون هذا التغيير إيجابيا، وأن يعيد للتلميذ مواصفاته، بطبيعة الحال، لأن كثير من تلاميذ اليوم، بحكم الظروف التي تحدثنا عنها سابقا، فقدوا كثيرا من القيم والمواصفات التي تجعلهم يتحفزون إلى ما يدرسونه، و يفكرون في بناء مستقبلهم، لأسباب متعدد لا يمكن أن نعزلها عن الواقع الاجتماعي، عن آفاق الشغل، عن كثير من الأوضاع التي يمكن أن نعتبرها، بنسب متفاوتة، عامل من العوامل التي تجعل كثير من العقليات يائسة، كثير من العقليات من الصعب أن تعيد لها الثقة في المؤسسة التعليمية، في المقررات، في كثير من الأشياء..

س) 21سنة من التدريس، تجربة مهنية مهمة في التلقين و التوجيه، وربط التواصل بين الأستاذ وتلامذته، هل يمكن أن تسمح لنا أن نقتحم عالم علاقة الأستاذ بتلامذته وتلميذاته؟
ج) بطبيعة الحال أحيانا نحس في علاقتنا بتلامذتنا أن ما نقضيه من وقت معهم  ربما  أكثر مما نقضيه في بيوتنا أحيانا، وكذلك بالنسبة للتلميذ يحس، إذا كان الأستاذ إيجابيا في علاقته مع تلامذته؛ لابد أن يشعر التلميذ بنفس الشعور، ولذلك من الضروري ومن الواجب أن لا يقتصر الأستاذ على التلقين، لأن إذا اقتصر الأستاذ على التلقين ربما قد يتحول إلى "روبو"، وأحيانا يمكن أن يتجاوزه تلميذه ليبحث عن المعرفة في وسائل أخرى، ولكن دور الأستاذ ضروري، وأهمية الأستاذ في المعرفة، وفي التلقين، وفي التوجيه أيضا ضروري؛ ولذلك فعلى الأستاذ أيضا أن يخرج من تلك الصورة التقليدية التي تعودنا عليها في ظروف سابقة. اليوم الثقافة والمعرفة، ووسائل المعرفة وسائل الثقافة، وقنوات الاتصال تطورت، وانفتحت المؤسسة، وانفتح الأستاذ أيضا، باعتبار دوره  يشكل عنصرا أساسيا في العملية التعليمية إلى جانب التلميذ، انفتح كل ما له صلة بمجال التربية والتكوين والمعرفة والثقافة، انفتحوا على أفاق جديدة من التعلم، ووسائل جديدة من التلقين، ولذلك فالأستاذ يجب أن ينفتح على تلامذته، وهذا الانفتاح يرتبط بتقنيات التواصل، والاستماع إلى تلامذته بخلق أوراش موازية، ما نسميها عادة بالأنشطة الموازية، التي تجعل التلميذ يحب مدرسته، ويحب محيطه المدرسي، ويحب أستاذه، ويكون شغوفا بمدرسته وبأستاذه؛ وهذا لا يمكنه أن يتحقق إلا إذا حاولنا أن نغير من حياتنا المدرسية، لأن الأستاذ ـ بطبيعة الحال ـ لا يمكنه أن يضحي بحصصه لكي يستمع إلى تلميذه، لكن يمكن أن يحقق ذلك من خلال خلايا، أو من خلال أوراش، أو من خلال أنشطة موازية، أو ما يسمى الآن بخلايا الإنصات، وهذه الخلايا تجعل التلميذ يبوح أحيانا لأستاذه ببعض المشاكل التي يعاني منها، ولذلك أرى ـ بحسب اعتقادي ـ أن المدرسة الناجحة في حياتنا المعاصرة لابد أن تنفتح على شرَكات، ومن بين هذه الشركات يمكن أن نتحدث عن شراكة مع علماء في مجال الطب النفسي، أو ما يسمى بعلم النفس التربوي، يمكن أن ننفتح أيضا على  باحثين سوسيولوجيين، ويمكن أن نشتغل على شكل بحوث، وعلى شكل أوراش، تساعدنا على تتبع بعض الأوضاع الاجتماعية، وبعض الحالات النفسية التي يمكن أن تؤثر على سير التلميذ الدراسي، ويمكن من خلالها أن نفتح قنوات التواصل من أجل إعادة إدماج كثير من التلاميذ الذين يعانون من التعثر الدراسي، أو يعانون من بعض الحالات النفسية؛ وهذا لتفادي ،كما ربما قد تتبعون من خلال وسائل الإعلام لا السمعية أو البصرية، بعض الظواهر الشاذة التي بدأت تعرفها المدرسة العمومية، كظاهرة العنف؛ وظاهرة العنف لا يمكن أن نستثنيها من الظواهر التي يعرفها المجتمع بصفة عامة، ولكن المدرسة خلقت لإعادة  إدماج الناشئة الاجتماعية؛ و لإعادة  إدماج الناشئة الاجتماعية يجب أن تتحرر المؤسسة التعليمية من بعض القيم التقليدية، يجب أن تنفتح على المحيط المدرسي، يجب أن تنفتح على الشرَكات، يجب أن تنفتح على الجمعيات، يجب أن تنفتح على كل ما يساهم في إعادة الاعتبار للتلميذ أولا، وإعادة إدماجه في الحقل الدراسي، وفي الحياة المدرسية، وأن تنفتح أيضا على كل ما  يمكن أن نحس في دواخلنا أنه سيساهم، بشكل أو بآخر ، في إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية..

س) في انتظار الانفتاح، كيف يمكن تحقيق حلم تحسين الأداء المهني و تلميع صورة المدرسة العمومية؟
ج) هذا مشروع تفكر فيه الوزارة بإلحاح، من خلال مجموعة من الدراسات والبحوث التربوية التي انكبت عليها خلايا من أجل تحسين الأداء المهني في المؤسسة العمومية، ويمكن أن أشير في هذا الإطار إلى مشروع "جيني"، مشروع إيجابي، وإن لم تُوفر له الوزارة الشروط الضرورية، والسبل، و الإطار المرجعي بشكل  دقيق من أجل إنجاحه، بالإضافة إلى ذلك فمشروع "جيني"، الذي يرتبط  بما أسميناه بتحسين الأداء المهني، بدأ ربما خمس أو ست سنوات، ولكن الشعور بإلحاحه لم نحس به كفاعلين مباشرين في العملية التربوية، وخاصة في مجال التدريس، لم نشعر به إلا في مرحلة متأخرة، ونحن نحس، كما قلت سابقا، أن هذا المشروع، هو مشروع له طموح، وسيساهم في تحسين الأداء المهني، وفي تلميع صورة المدرسة العمومية، وفي تحسين وسائل التدريس، ووسائل العمل، وتدقيق المعلومة، وجعل المدرسة العمومية مدرسة ناجحة  وحديثة، ولكن ،كما قلت سابقا، إن أي مشروع لابد و أن تهيئ له الظروف المناسبة، وأن تهيئ له البنيات التحتية، ونحن نعلم اليوم إذا كان مشروع نافذة، قد سمح أن يقتني كل أستاذ حاسوب متنقل، سيساهم في تحسين أدائه، وفي تدقيق المعلومة، والبحث إلى غير ذلك، ولكن إذا عدنا إلى البنية التحتية للمؤسسات العمومية، نجد أن هناك صعوبة في استعمال هذه الوسائل الحديثة، بالإضافة إلى ذلك كثير من المؤسسات تفتقر إلى الكهرباء، كثير من المؤسسات تفتقر إلى وسائل تساهم في الدفع  بهذا المشروع إلى ما نحلم به جميعا، وتحلم  به المدرسة المغربية، والمدرسة العمومية، وما نسعى إليه بجهودنا المتواضعة لخلق مدرسة ناجحة، مواطنة، تساهم وتساير التحولات التي عرفتها مجالات المعرفة، والتواصل، والتكوين، وغير ذلك..

س) السنوات التي قضيتها في التعليم، عرف القطاع ميثاق التربية والتكوين ثم المخطط الأستعجالي، هل تحقق شيء، أم واجهته عراقيل؟..
ج) مجرد الحديث عن الإصلاح هذا شيء إيجابي، بالمقارنة مع مراحل سابقة، ولكن كما قلت سابقا، إن ميثاق التربية والتكوين جاء بمجموعة من التصورات، ومن سيناريوهات التي تبدو إيجابية، وتسعى إلى خلق مدرسة جديدة، حديثة، مواطنة، ولكن، كما ربما  تتبعتم، على أن مشروع الميثاق لم يتحقق في جل بنوده، أو سيناريوهاته، ولذلك تلاحظون أن ما جاء بعد الميثاق، أو عشرية الميثاق، هو المخطط ألاستعجالي، وبطبيعة الحال إذا ربطنا بين المخطط ألاستعجالي وميثاق التربية والتكوين، هنا يمكن أن نتحدث عن، لا أقول الإخفاق، وإنما أقول التعثر، لأن هناك فرق بين الإخفاق والتعثر، إن ميثاق التربية والتكوين لم يكن فاشلا، ولكن بطؤه، وعدم توفير الشروط الملائمة، وعدم مسايرة طموحات الوزارة في الإصلاح، والبنيات التحتية للمؤسسات هو الذي جعل الميثاق، ربما، يتعثر في بعض سيناريوهاته أو بعض بنوده. ولذلك جاء المخطط ألاستعجالي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولإعادة بث دم جديد في شرايين الفاعلين التربويين، ومن أجل إعادة التفكير في قضايا المؤسسة العمومية، وفي قضايا وسائل التدريس، وفي البرامج، وفي كثير من الأشياء.. وهذا شيء إيجابي، نحن نحبذه؛ والإنسان الذي لا يجدد معرفته، وثقافته، ولا يساير تحولات العصر في وسائل إعلامه، ووسائل اتصاله وتواصله، بطبيعة الحال لا يمكنه أن يخلق مدرسة حديثة قادرة على مسايرة تحولات العصر..

س) في خضم هذا الكفاح من أجل خلق مدرسة جديدة وحديثة، ورغم التعثر في تحقيق مبتغى الإصلاح بشكل عام، هل لامستم تطورا في المستوى الدراسي للتلاميذ؟ 
ج) بحكم تجربتي المتواضعة، وبحكم علاقتي بتلامذتي، وبمؤسستي، وبالبرنامج، خاصة مستوى السنة الثانية باكالوريا، أحس أن مستوى التلاميذ لم يتغير، بل العكس هو الذي حصل. في وقت سابق، كنا نحس على أن التلميذ له ارتباط وثيق بالمدرسة العمومية، وكنا نحس أيضا أن التلميذ له هاجس الدراسة، وله هاجس أن يتوفق في مساره الدراسي، وأن يحصل على نتيجة إيجابية، وأن يفرح أهله، وأن يفرح مجتمعه، وأن يعيد الاعتبار لأساتذته، الذين بذلوا جهدا كبيرا في توجيهه، وفي إعانته على تمثل دروسه، ولكن اليوم أعتقد أن اللفظ، الذي ربما قد يلاءم وضع تلميذ اليوم، أنه تلميذ شارد. لماذا ؟ لظروف متعددة، منها ما هو ذاتي، يرتبط بالتلميذ، وبتمرده، وبيأسه، وبرؤيته المأساوية والظلامية، وبفقدانه الثقة في مؤسسته، ومنه ما يرتبط بالمجتمع، وبسوق الشغل، وبالتحولات التي لم تسايرها المدرسة العمومية، إضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة بأساليب التقويم. والمعضلة اليوم، التي ربما أعتقد أنها تشكل موضوعا أساسيا  في الوزارة، وفي مصلحة الشؤون المرتبطة بالتقويم، هي إعادة النظر بأساليب التقويم، إضافة إلى أن تجربتي المتواضعة جعلتني أخلص إلى نتيجة على أن إذا كنا نبحث، وننظر، ونسعى إلى تحقيق ، ما نسميه اليوم بالمدرسة الناجحة، وإعادة اعتبار لهذه المؤسسة العمومية، وأن نحقق مكتسبات في مشروعنا الإصلاحي لمدرستنا الوطنية والعمومية، لابد أن نعيد النظر في كثير من الأشياء، وأن تكون لدينا جرأة، و أن نبعد قطاع التعليم عن القراءات السياسوية، لأننا نريد في يوم من الأيام  أن لا نبحث عن الأرقام، بمعنى لا أريد أن أقول أن الوزارة اليوم تهمها الأرقام أكثر من نجاح المشروع الدراسي، ولذلك أجد كثير من المداخلات الرسمية تقول لدينا في التعليم الأولي نسبة كذا، وفي التعليم الإعدادي نسبة كذا، ونسبة النجاح كذا، وارتفعت بنسبة كذا، ولكن كيف ارتفعت ؟ هذا هو السؤال الذي يمكن أن نجيب عليه  بجرأة حقيقية، وأن نتحمل مسؤوليتنا، وهنا يمكن أن أتحدث عن معضلة العتبة، عتبة النجاح، فنحن نلاحظ أن التلميذ في التعليم الأولي ينتقل إلى الإعدادي بمعدلات لا تساهم في إنجاح المدرسة العمومية، إضافة إلى السنة الأولى من التعليم الإعدادي أغلب التلاميذ الذين يلتحقون بالسنة الثانية من التعليم الإعدادي، أو الثامنة كما نسميها عادة، بمعدل 8، ثم في التاسعة أيضا بمعدل 8,5 أو 9، ثم حينما يلتحق التلميذ بالتعليم الثانوي، في مستوى الجدع المشترك، يُلحق بالسنة الأولى من الباكالوريا بمعدل 9؛ المعضلة حينما يصل التلميذ إلى مستوى الباكالوريا ، وهذه الخلاصة، تجعلني أقول على أن هناك بعض التلاميذ الذين لم يحصلوا على معدل قانوني، بمعنى 10، منذ بداية مساره الدراسي، فكيف يمكن للإصلاح أن ينجح بمفهوم تربوي حقيقي، بعيد عن الإحصائيات، وبعيد عن الدماغوجيات، وبعيد عن القراءات السياسوية. إذا أردنا بالفعل أن نخلق مدرسة ناجحة، مدرسة مواطنة، يجب أن نتحمل مسؤوليتنا، وأن لا نخادع التلميذ، التلميذ الذي عليه أن يكرر القسم، ولم يحصل عن معدل قانوني 10،  يجب أن يكر ر القسم، وهذا في صالحه، نحن إذا عدنا بالذاكرة إلى الماضي، هناك مجموعة من التلاميذ الذين كانوا يرسبون بمعدل 12، و بعدل 11، أما اليوم فهناك داخل القسم الواحد، أي فصل واحد، هناك ثلاث عينات، أو أربع عينات، أو أربع فئات،  هناك فئات نجحت، أو أُلحقت، وهذا هو المصطلح الذي أراه موضوعي ومناسب، ألحقت من الجدع المشرك  إلى السنة الأولى  بمعدل 8,5 أو 9، وألحقت  من السنة الأولى من التعليم الثانوي إلى السنة الثانية ب 9؛ ماذا ننتظر من التلميذ؟ لم يحصل على معدل قانوني ومستواه الدراسي ضعيف، ونحن نعلم  من الناحية العلمية أن المقرر في تصاعد من مستوى إلى آخر، فكيف أن التلميذ لم يساير في مستوى أدنى سيساير في مستوى أعلى؟ وأعتبر أن هذا من العوامل الأساسية التي أدت إلى تدني مستوى التلميذ، إضافة إلى تدني النسب، وخاصة في النتائج التي ننتظرها جميعا  بالنسبة لتلاميذ السنة الثانية باكالوريا. وهذا موضوع يجب أن نفكر فيه بشكل موضوعي، ويجب أن نتجاوزه بالفعل لكي نحسن من أدائنا، ومن مردود تلامذتنا، فهم أبناؤنا، ونحن حينما نتحدث عن هذا الوضع نحس، من خلال مسؤوليتنا التاريخية، أننا نفكر في ناشئتنا بكل حس وطني، و بكل حس تربوي من أجل مدرسة ناجحة.

س) رغم الظروف الصعبة وهاجس هم  الإصلاح والتطوير، كيف تتم عملية توجيه تلميذ السنة الثانية باكالوريا في اختيار الشعبة المناسبة لمؤهلاته ؟.
ج) بطبيعة الحال إن التلميذ الذي يصل إلى السنة الثانية باكالوريا قد وُجه بشكل سابق، لأن تلميذ الثانية باكالوريا  لا يحتاج إلى أستاذه أحيانا لأن يوجهه، لماذا؟ لأن التوجيه التربوي يرتبط بمصلحة قائمة الذات، لها أطرها، ولها تكوينها، ولها مشرفوها، ولها المنسقون، وهي مصلحة المستشارين التربويين، أو المستشار في التوجيه. وكثير من المستشارين في التوجيه، أحيانا، لا أقول أنهم يخلون بعملهم، ولكن ظروفهم أيضا، ووسائل عملهم، وما يوفر لهم من إمكانيات تحول أحيانا دون أن يصلوا إلى ما يرغبون فيه في عملهم. لماذا؟ لأن المستشار في التوجيه، بطبيعة الحال، يجب أن يكون له مكتب داخل المؤسسة. لماذا؟ لأن التلميذ في حاجة إلى التوجيه، ابتداء من مستوى الجدع المشترك، خاصة أن توجهات اليوم تعرف مسالك متعددة، وهناك بالنسبة للجدع المشرك هناك مسلك واحد، سواء بالنسبة للأدبيين، أو بالنسبة للشعب العلمية، هناك مسلك الآداب و العلوم الإنسانية، وهناك مسلك العلوم، ولكن حينما ينتقل التلميذ إلى السنة الأولى من التعليم الثانوي، هناك  مسالك  أخرى، وتوجهات أخرى، هناك العلوم الاقتصادية، هناك العلوم الرياضية، هناك مسلك العلوم الإنسانية، ثم في السنة الثانية، حينما يريد التلميذ أن ينتقل إلى السنة الثانية باكالوريا، هناك مسلك علوم فيزيائية، أو مسلك علوم الحياة والأرض، ومسلك بطبيعة الحال العلوم الإنسانية أو مسلك الآداب. ولذلك فهذه المسالك المتعددة أحيانا تخلق لدى التلميذ نوع من التشويش، ونحن نعلم أن أغلب التلاميذ يحسون بصعوبة الاختيار، ويوكل توجيهه إما لأستاذه، إذا كان ينظر إليه باعتباره موجها ومدرسا وأبا، وأحيانا يوكل توجيهه إلى أولياء أمره. معنى ذلك أنه قليلا ما نجد تلميذا يحس بقدرات، ويحس بميولات إلى شعبة أو مسلك معين، أي منذ التحاقه بالتعليم الثانوي ألتأهيلي يجد التلميذ مؤهلاته في مسلك علوم رياضية، أو يجدها في علوم الحياة والأرض  أو في مسلك آخر، ولكن صعوبة الاختيار ترتبط ، كما قلنا سابقا، إلى هشاشة التكوين لدى التلاميذ، وهذه الهشاشة، بطبيعة الحال، لها ارتباط بمسار دراسي بأكمله، منذ التعليم الإعدادي إلى التعليم الثانوي؛ ميولات التلميذ تظهر بشكل واضح منذ التعليم الإعدادي، إذا كان التلميذ يتوفر على كفاءات، ويتوفر على تكوين واضح المعالم، بطبيعة الحال بتأطير المستشارين في التوجيه، وبتأطير أولياء الأمر؛ وفي النهاية، حسب اعتقادي، إن التلميذ هو الذي يميل إلى مسلك من المسالك، أو إلى شعبة من الشعب، لأن قدرات التلميذ هي التي تفرض نفسها، وليس أملاءات لا أولياء الأمر، ولا الأستاذ، ولا أي طرف آخر، فإذا اختار التلميذ شعبته، واقتنع بها، يمكن أن يحقق طموحاته من خلال هذه الشعبة، وإذا كان مدفوعا إلى هذه الشعبة لإرضاء طرف من الأطرف، بطبيعة الحال، سوف يحس بنوع من التقهقر، ومن الضعف، وعدم القدرة على المسايرة، وهنا،كما نلاحظ في بداية أي موسم دراسي،  هناك عدد هائل من الطلبات التي موضوعها إعادة التوجيه. وهذا بطبيعة الحال نحسه حتى داخل الأقسام، بمعنى هناك مجموعة من التلاميذ لا يسايرون، وحينما تبحث في وضعهم، وفي أسباب تراجعهم، أو في أسباب ضعفهم الدراسي، يصرحون على أن هذا المسلك ربما أملاه عليه أحد أفراد العائلة، وأنه لا يميل إلى هذا المسلك إطلاقا.. وهذه  معضلة كبرى، يجب أن نعيد فيها النظر أيضا، وستساهم بدورها، باعتبار أن العملية التعليمية هي متداخلة، فيها التوجيه، وفيها الأستاذ، وفيها الحياة المدرسية، وفيها الشراكات، وفيها المحيط المدرسي، وفيها مجموعة من العوامل التي بدونها لا يمكن أن نتحدث عن نجاح دراسي، عن أفق، وعن مستقبل، يمكن أن يرضي التلميذ أولا، ويرضي أولياء الأمر ثانيا، ثم الأستاذ ثالثا، ثم المجتمع رابعا.. ثم هناك ملاحظة أخرى ، يمكن أن أشير إليها، وأحسها بشكل واضح، خاصة بالنسبة لمستوى ثانية باكالوريا، شعبة الآداب والعلوم الإنسانية؛ الآن نحن، بالنسبة لتلامذة الآداب والعلوم الإنسانية، لدينا مسلكين، لدينا مسلك الآداب، وهناك مسلك العلوم الإنسانية، ولكن حينما نريد أن نخلق  مسالك داخل شعبة واحدة، يجب أن نميز بين المسالك، وهنا يمكن أن نشير أن مسلك الآداب ليس هناك  مميزات موضوعية وحقيقية بينه وبين العلوم الإنسانية، فهناك  مقرر واحد، وهناك برنامج واحد، الفارق الموجود بين المسلكين، هو غير موضوعي في نظري، الفارق يوجد في عدد الحصص، مسلك الآداب 5 حصص في مادة اللغة العربية، ومسلك العلوم الإنسانية 4 في مادة اللغة العربية، إضافة إلى المُعامل  بين ثلاث بالنسبة لمسلك العلوم الإنسانية، و4 لمسلك الآداب، وهذه مميزات غير موضوعية، في نظري، نفس المقرر، نفس البرنامج، الاختلاف يوجد في عدد الحصص، هل هناك مسلك يختلف عن غيره في عدد الحصص؟ أم أن المسلك كمسلك يجب أن نميز ه في مواده، في برنامجه، في تكوينه؟ لأن الذي يتوجه مسلك علوم الإنسانية، ويجب هنا أن نقف عند هذا المصطلح، علوم إنسانية، يتوجه توجيها نقديا، يتوجه توجيها في اتجاه المناهج وعلاقتها بالعلوم الإنسانية، أو علاقة الدرس الأدبي بمناهج العلوم الإنسانية، ومسلك الآداب، أعتقد أنه مسلك إبداعي، وبذلك أقول دائما على أن مسلك الآداب، ربما أقول إذا وجدنا تلميذا، بالمعنى الذي نريده، ربما سيخلق لنا مبدعا، قصاصا، روائيا، شاعرا، ومسلك العلوم الإنسانية له ارتباط بمجال النقد والعلوم الإنسانية، سيعطينا ناقدا، وهنا يمكن أن يسير النقد والإبداع مسارا موازيا، أما أن نتحدث عن مسلك علوم الإنسانية ومسلك الآداب، والمميز في عدد الحصص وفي المعامل، هذا ليس مميزا على الإطلاق.

س) أمام الوضع المؤسف في هشاشة التكوين لدى التلميذ، كيف يمكن توجيهه إلى الاختيار الصائب؟
ج) اعتقد النصيحة يجب أن توجه إلى المؤطرين والمنضرين، لأن التلميذ حينما يُزج به في مستوى من المستويات، ويُلحق به إلى مستوى من المستويات، معنى ذلك؟  حينما نأخذ تلميذ عليه أن يكرر قسمه من أجل استدراك ما يمكن استدراكه، ومن أجل أن يبني معرفته، وتحصيله الدراسي، بناء حقيقيا، من أجل أن تكون له قدرة على مسايرة المستويات الأخرى، إذا تمكن التلميذ من إعادة بناء معرفته بالمقرر، وجدد صلته بالمقرر بشكل صلب، يمكنه أن يختار لنفسه، ويمكن أن يتوجه إلى مسلك من المسالك، أو إلى شعبة من الشعب، دون أن يحتاج إلى تدخل، لا من طرف أولياء أمره، ولا من طرف أستاذه، بل تحس أن التلميذ داخل القسم له ميول واضح، وهنا يمكن أن نتحدث عن كل الشعب، هناك تلاميذ لهم توجيه واضح إلى شعبة العلوم الرياضية، لا يمكن أن نفرض عليهم شعبة علوم الحياة والأرض، ولذلك فالتلميذ الذي يجب أن يحدد مساره، عليه أن يعيد النظر في وضعه داخل القسم، في وضعه داخل المؤسسة، وأن يفكر  أيضا الذين يؤطرون هذا التلميذ في العوامل والوسائل التي تؤهل التلميذ إلى الاختيار، يجب أن نعيد النظر في الظروف التي يشتغل فيها المستشارون في التوجيه، يجب أن نهيئ لهم الظروف،  من أجل أن يتمكنوا من متابعة تلاميذنا وتلامذتنا داخل المؤسسات، وأن يعقدوا جلسات تحسيسية، لأن كثير من التلاميذ لا يعرفون آفاق الشعب، وكثير من التلاميذ لا يعرفون شيء عن بعض المسالك، ولذلك نجد أن كثيرا من التلاميذ يعبئون تلك الورقات، التي تسمى بورقات الرغبات، يعني كأنه يملأ ورقة عادية، دون أن يشعر أن تلك الورقة التي ملأها هي التي ستحدد مساره الدراسي، وهذا بطبيعة الحال تتحمل فيه  المسؤولية جهات أخرى، وليس التلميذ وحده، هناك مستوى التلميذ، وهناك أيضا أطراف أخرى التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بتوجيه التلميذ..

س) يمكن تحديد الأطرف الأخرى التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة في توجيه التلميذ؟
ج) بطبيعة الحال هنا يمكن أن أتحدث عن قسم الاستشاري في التوجيه، وهم الذين لهم علاقة مباشرة، ويمكن أن أقول، بصريح العبارة، يجب أن لا يقتصر، وهنا أقولها وبكل جرأة، كثير من مستشاري التوجيه لا يمنحون لتلامذتنا إلا عشرة دقائق  في الحديث عن التوجيه وعن المسلك والشعبة، ويقتحم عليك حصتك، ويعتذر، ويطلب منك خمسة دقائق أو عشرة دقائق، ويتحدث عن شعبة أو مسلك بشكل عبثي، والتلاميذ يصيحون، ثم ينصرف إلى قسم آخر؛ ولذلك قلت سابقا، يجب إعادة النظر في كل الإطارات التي تساهم في إنجاح المدرسة، وفي إعادة الاعتبار لهذه المدرسة التي تربينا بين جدرانها، وخلقت أجيالا، وتحملت هذه الأجيال مسؤوليات كبرى، ونحن لا يمكن على الإطلاق أن نشكك في المدرسة العمومية، ولكن يجب أن نفكر في السبل والطرق التي تعيد للمدرسة العمومية اعتبارها.

س) لنتجاوز الإحساس بالإحباط، كيف يمكن مساعدة التلميذ الناجح في الباكالوريا، رغم هشاشة تكوينه، في اختيار طريق إلى مستقبله؟
ج) الحقيقة أن شعور التلميذ بالمسؤولية أكثر تكون بعد شهادة الباكالوريا، لأن التلميذ قبل الباكالوريا شيء، وبعد الباكالوريا شيء آخر، خاصة وأن التلميذ بعد الباكالوريا يُحس بأنه دخل إلى مرحلة جديدة، عليه أن يتحمل  فيها مسؤوليته، عليه أن يختار، عليه أن يبني مستقبله، ولذلك فهذه المرحلة هي مرحلة حساسة بالنسبة لتلامذتنا ما بعد الباكالوريا، هناك جهود ترافق التلاميذ، خاصة تلاميذ السنة الثانية باكالوريا، في جميع الشعب، وهي جهود تتمثل في بعض المؤسسات التي يمكن أن نسميها بدار الطالب، أو بعض الورشات التي تُفتح في وجوه تلاميذ السنة الثانية باكالوريا، إما في معرض الدار البيضاء، حيث هناك مؤسسات، قطاع خاص للدراسات العليا والمعمقة، يعرضون مؤسساتهم، وتخصصاتهم إلى غير ذلك؛ وهذا بطبيعة الحال يجعل التلميذ أحيانا يحس بأن هناك مفارقة بين طموحه وبين قدراته، وخاصة قدراته المادية، بالنسبة لكثير من التلاميذ، وهنا أتحدث عن باكالوريتين، باكالوريا بمعدل مقبول، يعني 10 إلى حدود 11.5، إلى غير ذلك، وباكلوريا بمعدل 14 و مافوق، بمعنى أن الباكلوريا  بميزة مقبول تجعل صاحبها يشعر بأن هناك مجموعة من الحواجز  التي تعوقه أحيانا في تحقيق طموحه، ولا يجد أمامه إلا أحيانا الكلية، ثم التلاميذ الذين يحصلون على معدلات متميزة بميزة حسن، حسن جدا، مستحسن، لهم إمكانية في ولوج مؤسسات بمعدلاتهم، وهذا مشكل كبير، يجب أن لا نخلق مفارقة بين باكالوريا وطنية فيها صنفين، صنف ، أقول، له إمكانيات الولوج والاندماج، وصنف آخر يظل حائرا، وهذا لا يمكن أن نبعده أيضا عما سبق أن أشرنا إليه، في التعثر الدراسي، في معدلات العتبة، في مستوى التلميذ الحقيقي، في إمكانياته، إلى غير ذلك،  ولذلك فنحن نلح، ونلتمس من الجهات المسؤولة أن تعيد النظر، وأن تراجع علاقتها مع هذه المؤسسات ذات القطاع الخاص، وأن يكون التلميذ، الذي أحرز على شهادة الباكالوريا، له نفس الفرص، باعتباره يحمل باكالوريا وطنية، له نفس الفرص من أجل أن يلج بحسب قدراته وإمكانياته، سواء المعنوية أو لمادية، أي مؤسسة تعليمية، وهذا سيساهم في تنمية القدرات، وفي تجديد النفس لدى التلميذ، وفي مسح تلك الصورة القاتمة أمام مستقبل كثير من التلاميذ..

س) كلمة أخيرة للتلميذ وقطاع التعليم بصفة عامة.
ج) ختاما ما نتمناه، هو أن ينجح المشروع الإصلاحي، وأن توفر له الظروف الملائمة لإنجاحه، وأن نخرج في هذه المرحلة العصيبة من الحديث عن الأزمة، لأن الحديث عن الأزمة طال، وسبل الخروج من الأزمة تعثر، والحديث عن تحسين الأداء المهني، والجودة، والإصلاح، والميثاق، والمخطط ألاستعجالي، وكثير من الأشياء التي نسمعها، ومشروع "جيني"، وغيرها، هذا شيء إيجابي، ولكن إذا لم نوفر البنيات التحتية، والظروف الملائمة لإنجاح هذا المشروع الإصلاحي سوف نعود إلى لغة الأزمة، وسوف نعود إلى الإحباط، وسوف نعود إلى مدرسة عمومية تدريجيا تفقد مصداقيتها، وتفقد وظائفها الأساسية التي خلقت من أجلها، ولذلك فشعورنا كفاعلين في هذا الحقل، الذي فقد بعض قيمه، نحس على أننا  يجب أن نتجند بحكم هذا الموقع الذي اخترناه بأنفسنا، أن نتجند جميعا، من أجل إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، وإعادة الاعتبار للشهادة العلمية، التي يكد و يجتهد التلميذ من أجل أن يحصل عليها، وأن تفتح له آفاق مستقبلية، وأن تساهم هذه الشهادة في تحسين وضعه العلمي، والاجتماعي، والنفسي؛ وبطبيعة الحال، لا يمكن أن نحقق ذلك إلا إذا ساهمنا جميعا بوعي وبمسؤولية تاريخية ووطنية. وأؤكد على أننا لا يمكن أن نتحدث عن مدرسة ناجحة، تعيد الاعتبار لوظائفها الاجتماعية والتربوية والأخلاقية، إلا بمسؤولية وطنية.


حاوره محمد رياضي
الدار البيضاء، في 14/07/2009

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...