mercredi 14 novembre 2012

الحكاية الثالثة (4): الإسلام وإساءة براءة الغرب (L'Islam et l'offensante innocence de l'Occident (IV

متى نجعل من إنسانيتنا قضية؟
العربي أنا وحكايات الإنسان الآخر!

    الحكاية الثالثة (5/4):           الإسلام وإساءة براءة الغرب                                    
   من المسؤول ؟

إهداء : إلى أي مسلم إنسان، يناضل بقناعة أضعف الإيمان كواجب الفرد تجاه دينه وهويته وإنسانيته، في ظلال النكسات المذلة، وخذلان الدكتاتوريات المتواطئة، وحرقة شماتة "جولدا مايير" المسيئة لكل عربي ومسلم:"عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة."

 

        :القنوات العربية والإسلامية، الأرضية والفضائية  
        عرفت العشرية الأخيرة تزايدا مهولا للقنوات الفضائية، فبات التلفزيون، أكثر الوسائل الإعلامية شعبية في المشهد السمعي البصري، يوفر الآلاف من القنوات الأرضية والفضائية، العالمية والعربية، العمومية والخاصة، الإخبارية والمتنوعة  والمتخصصة، أحدثت تغييرا في تفكير وذهنية المشاهد العربي، الذي تعود مكرها، لعقود من الزمن، قناة وحيدة، ونمطا معينا من الإعلام، فرضته ثقافة سياسة القمع والتضليل. والتضليل الإعلامي لا يساعد على تنمية الوعي الشعبي، بل يكرس ثقافة الخوف واللامبالاة، والإيمان الأعمى بسياسة القهر والاضطهاد، مما يترتب عنه عقلية إعلامية متخلفة، وسلبية حادة لدى المتلقي، وعند أول اضطراب اجتماعي، أو انفلات أمني، لن ينفع إعلام التعميم في تهدئة النفوس وحماية سلطة القمع والتضليل الراعية له، كما تلاشى الإعلام الرسمي عند قيام ثورة تونس، مصر وليبيا. فأمام وقاحة الإساءة المتصاعدة، التي أراد الغرب جعلها لغة تعامل مع العالم الإسلامي، لن يكفي التهييج اللحظي لصد الإرهاب اللفظي العنصري الغربي، ورد الاعتبار للإسلام والمؤمنين، وحتى لا يخبو الحس الإسلامي في دواخل الصحوة الكامنة، أو يتفاعل السذج وضعاف النفوس مع ثقافة الموت الحاقد، فوحدة المصير العربي والإسلامي تحتم إعادة النظر في أهمية الإعلام، وبالخصوص التلفزيوني، الأكثر شعبية، بما يعزز دوره القوي الآني والمستقبلي، على المستوى القطري والقومي، كأداة فاعلة ومؤثرة في الإخبار والتحليل، والإنتاج الهادف، والبرمجة المتنوعة المتكاملة، في إطار إستراتيجية إعلامية علمية، قطرية ومشتركة، ببعدها الوطني، والقومي، والإنساني، تساهم في إبراز القيم الإسلامية وعالمية الإسلام، دين خاتم الأنبياء محمد (ص). 
        المشهد الإعلامي الديني:         
        لماذا لا تهتم القنوات العربية والإسلامية بإنتاج مجلات وبرامج دينية هادفة تدعم الإسلام وتبرز تاريخه وقيمه الإنسانية؟ برامج بلغة بصرية ترتاح لها الآذان والعيون، وتميل إليها القلوب، تعزز حق الدعوة، وتتصدى لفكر الفتنة، بعيدا عن الكلام الإنشائي الممل، والابتذال، والثرثرة الحماسية الفارغة، والصراخ المنفر؛ برامج يمتزج فيها الواقع بالتاريخ، والدين، والخيال، والعلم، وبرامج إخبارية وموضوعاتية ينشطها أساتذة ومفكرون وعلماء الدين أكفاء، من مختلف الاجتهادات، بمرجعية دينية علمية وفكرية إنسانية، قادرين على تحقيق الإقناع التوافقي بين الدين وحياة العصر، وعلى الأنظمة والحكومات العربية الإسلامية إحكام الفتوى، وتنظيمها، واختيار لمهمتها كبار العلماء المتمكنين، المعترف لهم بالكفاءة، ورزانة النفس والعقل.
          لماذا لا تعمل السلطات السياسية على بلورة قوانين ناجعة تقنن وتشجع الإنتاج المشترك للأعمال الضخمة، التاريخية والدينية وغيرها، في بعدها الإنساني؟ تتناول فترات تاريخية من خلال شخصيات إسلامية بارزة في الحرب، والدين، والعلوم.. ولعل القيمة الفنية والإنسانية في الإنتاج المشترك تكمن في جودة الإنتاج والبعد القومي والإنساني للهوية العربية والإسلامية.
     

        المشهد الإعلامي الدرامي والوثائقي:
         لماذا لا يُدعم إنتاج الأعمال الوثائقية والدرامية الاجتماعية والتاريخية التي تسرد قهر عصر الظلمات، عندما كانت تحرف كتبهم السماوية، وترتكب جرائم الكنيسة باسم الرب؟ وأعمال تفضح حالات العيوب المعقدة في المجتمع الغربي،  أو على الأقل لتعمل القنوات العربية والإسلامية على برمجة الأفلام العالمية المميزة، ذات البعد الإنساني، أنتجها الفكر الغربي، المبدع الإنسان، مقتبسة عن روايات أدبية عالمية، كتبت لتقرأ، وأيضا لترى، كأنها تنبأت بعصر لغة الصورة. أفلام رائعة استحضرت ببراعة فنية بصرية آلام المتعة في مقاومة القهر والسلطة السياسية والدينية الفاسدة في إحدى المراحل الدامية القاتمة من تاريخ الغرب غير المشرف. وهنا أسجل تفوق الديمقراطية في المجتمع الغربي المعاصر مع حرية الفكر والرأي والتعبير، يتناولون بجرأة وبحرية أدبية وفنية واقعهم التاريخي، والاجتماعي، والديني، والسياسي  للزمن الماضي والحاضر، وفي أعمال أخرى تخيلوا مستقبلهم بكوارثه وازدهاره؛ في حين، في الدول العربية والإسلامية، الأبواق المسموح لها والمدعمة، لا تتناول عصرا إلا للإساءة أو التمجيد إرضاء لهوى السيادة الحاكمة الآنية، فقط رغبة في نيل عطفها وكرمها؛ تسول دنيء يلغي الضمير الديني، والمهني، والوطني، هنا تتبخر الموضوعية والديمقراطية والإنسانية في المجتمع العربي والإسلامي، ويترعرع الفساد المرهق الذي ينقلب على سادته في يوم ما، طال الزمن أو قصر، فالتاريخ لا يرحم، ينتقم للإنسان والإنسانية، كما وقع لبن علي، ومبارك، والقذافي، صالح ، وقريبا، الهر سفاح شعبه بقوة غيره، الرق بشار.

  

        المشهد الإعلامي الوثائقي:
        لماذا لم تهتم القنوات العربية والإسلامية بإنتاج برامج عن معتنقي الإسلام؟ برامج وثائقية والسيرة الذاتية تعرف بالشخصيات العالمية التي اعتنقت الإسلام من رجال الدين، سياسيين، علماء، أطباء، مفكرين، فنانين، رياضيين، وغيرهم.. فمن اهتم بهم حين أعلنوا إسلامهم؟ فقط مقالات صحفية تطوعية، وتجاهلهم الإعلام السمعي البصري، مع العلم أن إيمانهم أقوى من مسلم بالفطرة، لأن قناعة اعتناق الإسلام لا تتمر في أي شخص، وإنما في من يمتلك شروط انبثاقها داخل قلبه وعقله؛ فمن أشهر إسلامه من الغربيين، مسيحيين أو يهود، يكون عن قناعة روحية وفكرية، وتجربة شخصية حاسمة، مبتغاه الراحة النفسية وطاعة الله، على عكس المرتدين عن الإسلام، قلة قليلة، لا قيمة لها، لا في مجتمعاتها الأصلية ولا في المجتمعات التي آوتها، شرذمة ارتدت عن الإسلام بدافع الجوع الروحي، والحقد الاجتماعي، والجشع المادي، ليس فقط من المسلمين المرتدين، بل أيضا من العرب المسيحيين المتحاملين، على أوطانهم من الخارج، ولدوافع سياسية كما هو الحال بالنسبة لبعض الأقباط الذين تبرأت منهم مصر الموحدة بمسلميها ومسيحييها. وعلى عكس سلطات المشرق مع معتنقي الإسلام، تسلك ديمقراطية الاحتيال الغربي مع المرتدين عن الإسلام سلوكا مغايرا، إيجابي إغرائي، ليس حبا في عيونهم السود، وإنما لكسب رهان الامتلاك والاستيلاء والهيمنة النفسية في عالم الفوضى وطغيان السلطة الفاسدة، إنه الوجه الآخر لديمقراطية تضامن الاستغلال والاستحواذ. فشتان ما بين المرتد والمعتنق، الأول يتسول المادة على حساب دينه، ووطنه، وكرامته الإنسانية، والثاني يبتغي الحرية، الإيمان، الله، وعن قناعة روحية فكرية وعلمية، عبر تجربة حياتية شخصية اعتنق الإسلام، والقائمة طويلة، منهم: الفنان الإنسان سيف الإسلام، المعروف بكات ستيفنس، الملاكم العالمي محمد علي، الحاج مالك شباز المعروف بمالكوم اكس، سهى عرفات، عمر بانجو، جاك فرانسوا مينو، روجي الجارودي، مؤلف "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، ليلى مراد، عمر الشريف، مايك تايسون، ديانا حداد، والمغنية الفرنسية ميلاني جورجيادس، المعروفة ب"ديامس".. وليس بالأخير، العالم الذي كان يهوديا "روبيرت غيلهم"، زعيم اليهود في معهد البرت آينشتين، والمختص في علم الأجنة، الذي آمن بالحقيقة العلمية والإعجاز القرآني فيما يخص الآيات القرآنية وعدة المرأة المطلقة، وباليقين العلمي اعتنق الإسلام، وأعلن إسلامه، ولم يعد يهودي المعتقد. أين الإعلام العربي والإسلامي، السمعي البصري، من أصحاب المواقف الإنسانية بالتجربة الشخصية وقناعة إسلامية؟


          
         المشهد الإعلامي ومجلات المعرفة:
        لماذا لم تهتم القنوات العربية بإنتاج مجلات عن أقوال وشهادات المشاهير من العالم الغربي، المسيحي واليهودي والوجودي، من علماء، ومفكرين وأدباء، وفلاسفة، ومستشرقين، عن النبي محمد (ص) وقيم الإسلام الإنسانية؟ كالشاعر والكاتب والسياسي الفرنسي الفونس دي لامارتين، والروائي الروسي المصلح الإنسان الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي مؤلف "الحرب والسلام"، إحدى تحف الأدب العالمي، والكاتب المسرحي الإنجليزي جورج برناند شو، والعالم الأمريكي مايكل هارت، ومهاتما غاندي، الروح العظيمة للهند المستقلة، وجوار لال نهرو، والشيخ إبراهيم خليل أحمد، قس سابق، والفيلسوف الإنجليزي توماس كاريل، والمستشرق الأمريكي إدوارد رمسي... وغيرهم من خيرة عقلاء الفكر الغربي الإنساني. 
       
        فضائيات أفلام الإساءة:
       يتبع..


                                                                       
                                                                                     محمد رياضي
                                                 الدار البيضاء، أكتوبر 2012

jeudi 8 novembre 2012

الحكاية الثالثة (3): الإسلام وإساءة براءة الغرب (L'Islam et l’offensante innocence de l’Occident (III

متى نجعل من إنسانيتنا قضية؟
العربي أنا وحكايات الإنسان الآخر!

الحكاية الثالثة (5/3):     الإسلام وإساءة براءة الغرب
                             من المسؤول ؟

إهداء : إلى أي مسلم إنسان، يناضل بقناعة أضعف الإيمان كواجب الفرد تجاه دينه وهويته وإنسانيته، في ظلال النكسات المذلة، وخذلان الدكتاتوريات المتواطئة، وحرقة شماتة "جولدا مايير" المسيئة لكل عربي ومسلم:"عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة."




           السلطة السياسية والإعلام:      
          الاستبداد مرتع الفساد، والسلطة الكلاسيكية المستبدة، التي اعتمدت شرعيتها على القوة والعنف، والطغيان القاهر، بكل أساليبه، لاضطهاد الفكر المضاد، وفرض الطاعة، وتدبير الشأن العام، لم تعد تُرعب الشعوب في زمن العالم قرية صغيرة، باتت السلطة السياسية المعاصرة تستمد مشروعيتها، وضمان استمراريتها، من الشرعية القانونية المقيدة بالديمقراطية السياسية والاجتماعية، الضامنة للمساواة، والعدالة، والأمن، وحماية المقدسات المكونة للذات والهوية. فظاهرة الحكم المستبد في نسخته العربية تلاشت، أو لنقل لم تبقى بتلك الرعونة القمعية التي كانت عليها، أُزيلت واقتلعت جذورها العائلية، وأخرى تكيفت مجبرة، مع ظروف متغيرات المجتمع الدولي، عن قناعة أو اضطراريا غيرت أساليب القمع القاهر، لتضمن البقاء على كرسي السلطة، لكن إلى متى؟ فالتعاقد، العرفي أو الشرعي، بين الحاكم والمحكوم يقر ويحتم، في الزمن المعاصر، إلزامية النظام بتعزيز الديمقراطية، وحماية حقوق الفرد المواطن، منها الدفاع عن الذات، والمقدسات جزء أساسي في مقومات الهوية. لهذا على الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية في عهدها الجديد، بعد فورة الأرض العربية، وتخلص بعض الشعوب من طغاة زمن ذل الاستبداد والقهر، أن تأخذ العبرة، وأن لا تتوقف عند الاستنكار والتنديد، إنها تترآى، بكل أعين العالم، كرسومات كاريكاتورية ساخرة، إلى درجة البكاء الدامي. هذه الحكومات التي أتعبت نفسها بالكلام، المحلى بالعسل المغشوش، أمام وسائل الإعلام لتلعب مسرحية الشجب والاستنكار للفعل الجرمي الذي يمس أكثر من مليار مسلم، وغيرها من كلام الخشب، عليها إيجاد إجراءات سياسية فاعلة، وقانونية صارمة لمحاربة الفساد الفكري الداخلي، والحرية الفكرية العنصرية في الغرب، في هولندا، الدانمرك، النرويج، فرنسا، ألمانيا، سويسرا، إيطاليا، أمريكا، فلن يكل ولن يهدأ الفكر الصليبي الاستعماري، الاستغلالي، العنصري عن مهاجمتنا لكي يحقق مبتغاه، ولن يتاح له ذلك، بسبب الصحوة الإسلامية المؤمنة الكامنة، حتى وإن ربضت سلالة أبي لهب على كراسي الرئاسات العربية، لكن التزام السلطة السياسية الصمت، كأن الأمر سحابة عابرة، وفي أقصى ردة فعلها تستنكر وتندد، سنبقى، الشعب العربي والمسلم، دائما ضحية الاستفزاز، والإهانة، والتحقير، من القيادة إلى الطفل، دون الطفل الفلسطيني، البطل الأسطورة، الذي تحدى، منذ 1948، إن لم أقل منذ وقاحة بلفور الاستحواذية، بصدره الطفولي وإيمانه الفطري، الرصاص والآليات الحربية، رافضا الركوع، والمساومة، وحياة الذل، لأن كرامته  من كرامة أرضه فلسطين.


           فالسلطة السياسية، باعتبارها سلطة الدولة لفرض النظام، تتحمل مسؤولياتها الشرعية، السياسية والإدارية والإعلامية والقانونية، في إدانة الفعل باعتباره إنكارا لمبادئ مواثيق الأمم المتحدة، وفي اتخاذ موقف موحد ضاغط على الأنظمة والحكومات الغربية المتبنية للفكر المنحرف المتعصب ضد الإسلام، وفي رفع دعاوي قضائية موحدة ضد مرتكبي فعل الإساءة الشنيع، الذي لا علاقة له بالحرية الفكرية. ولن يتمكن الإعلام القيام برسالته الإعلامية، محليا وعالميا، إن لم ترفع عنه السلطة السياسية وصاية التبعية والإملاء، والتهميش للكفاءات الفاعلة، فالاستقلالية المسؤولة تعمق في الإعلامي المتمكن الإيمان برسالته الإعلامية، وتتيح له حرية الاجتهاد، وتفتح مجال التنافسية ليمارس مهمته بفنية وإبداع وضمير مهني مسؤول، بطبيعة الحال في إطار احترام أخلاقيات المهنة، والالتزام بالمواثيق الإعلامية الوطنية والدولية. ألم ننقل كل شيء عن المستعمر؟ فلننهج نهجه مع ديمقراطية الكيل بمكيالين في الحرية الفكرية.


       التلفزيون والرسالة الإعلامية:    
           التلفزيون، إلى جانب وسائل إعلام أخرى، أداة اتصال جماهيري تمتلك مقومات سحر الإقناع، والتأثير السريع والفعال، والانتشار الأوسع، باستقطاب اهتمام وعقول أكبر عدد من المشاهدين، من كل الأعمار والأجناس، بما توفره من لحظات الفرجة والمتعة والإفادة، عبر مواد ثقافية وفكرية تساهم في التنشئة والتكوين، والتغيير والإصلاح، وخلق الرأي العام الموجه، ومحاربة ثقافة الفساد الفكري الداخلي والأجنبي. إنها أداة التصحيح والتغيير وخلق الدوافع، بالاعتماد على فاعلية الصورة التلفزيونية كلغة بصرية أكثر بلاغة وتأثيرا من الكلمة في الثقافة المعاصرة، عصر الصورة، حيث باتت الصورة، بواقعيتها، وخيالها، ورمزيتها، وسحرها، صناعة متقنة فنيا، ومحكمة المصداقية في خلق أي رأي عام موجه قطريا، جهويا أو دوليا. فالصورة، لغة بصرية مؤثرة، لغة التوصيل والتواصل محليا وعابرة للحدود عبر العالم، حتى جعلته قرية صغيرة. لهذا، فالجمهور العالمي المعاصر جمهور الصورة، جمهور اللغة البصرية، وعلى إعلامنا العربي والإسلامي الوصول إليه بالصورة، وإقناعه بلغة بصرية فنية ساحرة، تعانق بقوة المصداقية جوهر المضمون وحقيقته العميقة، يستحي منها إبليس نفسه، ويؤمن بها، ويتقبلها، وينحني لها رغما عنه، من خلال برامج إنسانية تستمد خامتها الفنية من واقع البيئة الإسلامية، لاستكشاف روح الإسلام كعقيدة إنسانية، دين العالمين، دين عبادة وسلوك، وتجعلنا، بذاتنا الإسلامية، وخصوصية واقعنا الاجتماعي العربي الإسلامي، مشاركين في الحياة الإنسانية العالمية، برامج وأعمال ببعدها الإنساني تتجاوز حدود الزمان والمكان، والحساسيات الضيقة، تستهوي القلب والعقل بفنيتها ومصداقية معالجة مضامينها، فإن كان المشاهد العربي والمسلم ينفر من مشاهدة غالبية برامجنا العربية والإسلامية، الحوارية والدرامية والكوميدية، بسبب الابتذال والسذاجة، والنمطية المحلية، والثرثرة المملة، وافتقادها اللمسة الفنية ومتعة اللغة البصرية، فما بالنا مع مشاهدين في مجتمعات لا تتفق وثقافتنا، ومعتقدنا الديني، وقيمنا الحضارية؟. فالموهبة الفنية والقدرة على المعالجة البصرية ببعدها الإنساني الناضج، بعيدا عن الاندفاع والحماس الطائش، بعيدا عن اللحظة العابرة والانفعال الطارئ، لا تتحقق إلا بفكر إعلامي مستقل، ممنهج، وهادف؛ والنضج الإعلامي من النضج السياسي، لا يولد بالفطرة، ولا يُمنح، ولا يُشترى، وإنما يصير بحرية الفكر، والكفاءة المهنية، والاجتهاد المتواصل، ومصداقية الرسالة الإعلامية المسؤولة..

         في خضم التكاثر العشوائي للقنوات الفضائية والأرضية، الحضور التلفزيوني الصعب تجاهله، قطريا ودوليا، يحتم ضرورة إعادة النظر في سلبيات ذهنية السلطة السياسية في علاقتها مع الإعلام التلفزيوني، ووضع إستراتيجية إعلامية علمية، مسايرة للمتغيرات المتسارعة، من خلال شبكات برامج متنوعة، مفيدة وممتعة ومسلية، ذات أهداف متكاملة وفاعلة في التربية والتنشئة والتكوين، الثقافي والسياسي والاجتماعي.
  
       القنوات العربية والإسلامية:
يتبع..
                                                                                      محمد رياضي
                                                                                       الدار البيضاء، أكتوبر 2012



lundi 5 novembre 2012

الحكاية الثالثة (2): الإسلام وإساءة براءة الغرب ( L'Islam et l’offensante innocence de l’Occident (II

متى نجعل من إنسانيتنا قضية؟
العربي أنا وحكايات الإنسان الآخر!

الحكاية الثالثة (2/5):     الإسلام وإساءة براءة الغرب
                             من المسؤول ؟

إهداء : إلى أي مسلم إنسان، يناضل بقناعة أضعف الإيمان كواجب الفرد تجاه دينه وهويته وإنسانيته، في ظلال النكسات المذلة، وخذلان الدكتاتوريات المتواطئة، وحرقة شماتة "جولدا مايير" المسيئة لكل عربي ومسلم:"عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة."



             التحديات والإسلام: 
            انكسارات عصيبة عاشتها الأمة العربية والإسلامية في التاريخ المعاصر، ومنذ إستقلالاتها المشروطة، والوجدان والتاريخ الإسلامي يستلزمان طرح استفسارات عن مصداقية وفاعلية السلطة السياسية وإعلامها الرسمي في عدة قضايا مصيرية، وصد عدوانية الغرب العنصرية الاستغلالية، وفرض الذات. ما الغاية من تفريخ المنطقة العربية والإسلامية من إمكانيات التنمية، وبالخصوص البشرية؟ لماذا، بعناد أرعن، تعمدت بعض الرئاسات إلى تغييب إستراتيجية عربية إسلامية موحدة؟ لماذا لم يتم وضع تحالف أمني عسكري موحد؟ ما حقيقة "نكسة حزيران 67"؟، وما ردة الفعل العربي الإسلامي عندما أحرق المسجد الأقصى، الجريمة الفاجعة التي هزت الكيان الإسلامي؟ تراوحت بين الانكماش داخل الصمت الذليل، وعويل اللاءات الفارغة، وسلام سبات عميق، أعنف خطيئة عربية إسلامية في تحقير الذات وتشويهها، والإسلام بريء من ذلك، لدرجة أن مرتكبي الإحراق، اقتنعوا عند بزوغ شمس اليوم التالي من جريمتهم بعدمية العرب بصفة نهائية، وآمنوا، بقناعة روحية، بأحقية قيامهم بالجريمة الشنعاء في حق المسجد الأقصى، ولكم شهادة "جولدا مايير" في ذلك: "عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة.". ومن لا يعرف "جولدا مايير"، فليسأل عنها أرض الكرامة فلسطين.


            بعد جريمة الإحراق وتوالي النكسات الضاربة في عمق نفسية المسلم، والعربي على العموم، فشيء طبيعي أن يسترجل أي فاشل ناقض لإنسانيته في المجتمع الغربي الخليط، بذريعة حرية الفكر، على إهانة المسلمين. فعدة مرات تطاولت العقلية التافهة على النبي محمد (ص) والإسلام، وماذا كانت ردود فعل السلطات السياسية في الدول المحسوبة على الإسلام؟ لم تتجاوز حركات استعراضية محتشمة في التنديد والاستنكار، في الوقت الذي احتدت حرقة القلوب الشعبية، تحملها أناس بسطاء، في انتفاضات صاخبة وغليان عارم هنا وهناك؛ وفي أقصى صرامة الموقف السياسي، الحافظ لماء الوجه، بقناعة أضعف الإيمان، الدعوة إلى مقاطعة بضاعة الدولة المنتجة للسخافة المسيئة للإسلام، موقف جريء من المسلم المؤمن، صاحب المبادرة، والدولة الإسلامية التي تبنت موقف المقاطعة. موقف كان له أثر مرهق على الاقتصاد الهولندي، لكنها مقاطعة إلى حين قصير. وبعدها، ماذا كسبنا؟ هل رد الاعتبار؟ هل توقف إرهاب الاستفزاز للروح الإسلامية المؤمنة بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الأخر؟ هل وضعت إستراتيجية عربية إسلامية موحدة في اتخاذ موقف سياسي وإجراءات قانونية ضد العنصرية الغربية؟ لا أعتقد ذلك، بل تزايد الاستفزاز العدواني ضد الإسلام بوقاحة سافلة في السنوات  الأخيرة، بذريعة حرية الرأي والتعبير، وفي حقيقة الواقع هي عدوانية تشبه كل أنواع الإرهاب إلا أن تكون حرية فكرية، والغريب في الأمر أن المحاكم الأوروبية باركت المعتدين في عدوانهم البغيض، مما سيشجع أكثر الإرهاب العنصري ضد الإسلام دون خوف من المتابعات القانونية. ألم يصحو المسلمون بعد على حقيقة ديمقراطية الغرب الاستغلالية؟.


       مظاهر سلبية تسيء لصورة الذات المسلمة المؤمنة:
           حراك الصحوة الإسلامية المؤمنة حاضر باستمرار، منذ صدر الإسلام، يصارع من أجل فرض الذات الإسلامية، يساير الأزمنة والأمكنة، لكنه يعاني من مظاهر سلبية مختلفة، تجاوزت المنطق والاتزان الديني الذي أتى به النبي محمد (ص). تُجهضه وتُبعثره أصوات سيئة النوايا، تعد نفسها  من أهل الاهتمام الديني، دعاة السخافة، والانحلال الأخلاقي، ومواضيع الهم الكاذب، أصوات تشجع الغرب المتطرف على الإهانة والتحقير. لكامل الأسف، غالبيتهم فكرهم حبيس الكبت الجنسي، كأنه موضوع الساعة والحسم والخلاص؛ أشخاص مسكونون بعشق ذنوبهم، واحد أتعب نفسه في التخمين في طرق الاستمناء عند المرأة، مع كل الاحترام للمرأة وللقارئ الكريم، فأجاز إمكانية  اعتمادها على الجزر لتحقيق متعتها، نعم لا حياء في الدين، لكن ليس إلى هذه الوقاحة السافرة؛ وآخر أعماه الحقد الاجتماعي، إلى درجة الهبل، عندما شاركت فتاة في اقصائيات غناء عربي، هوسه المعقد لم يمنعه من الاستهزاء وسب والدتها، وذنب الأم الوحيد شدة فرحتها بابنتها؛ وآخر في بلد عربي مسلم حلل الزواج من طفلة في سن التاسعة، بقناعة البالغين "إن كانت تطيق ذلك"، كيف لطفلة التاسعة أن تطيق ذلك؟ أهاته الاستطاعة لمثل سنها؟؛ وشيخ نبيغ آخر، لا مثيل له، يفسر الأحلام على هواه الابليسي،  فألزم من حلم بمعاشرة امرأة أن يتزوجها عند استيقاظه، وإن كانت السيدة متزوجة، على الزوج تطليقها ليتزوجها الحالم. يا لمنطق الشيخ النابغة الذي تجاوز حق الاحتلام والعادة السرية، للفرد مع نفسه، إلى جعل الحلم الجنسي حق شرعي ديني يجب تحقيقه بأي ثمن! أي دين يبرر هذه الشرعية العدوانية؟؛ ومنهم أيضا من استباح مضاجعة جثة الزوجة، وجعله أمرا عاديا ومقبولا؛ أية عقلية بربرية هاته؟ أهو الدين الإسلامي أم هلوسات خريف العمر؟ يا لكبث روح وهواجس إبليس!. ما الفرق بين غباوة الأصوات المتمسلمة وحماقة الصليبي المتطرف الذي تجرأ على إساءة النبي وإهانة الإسلام؟ أم إنهم بيادق رقعة سطرنج المؤامرات الغربية؟ ما موقف السلطات السياسية العربية المسلمة من دعاة الرذالة المسيئة للدين وللفكر الإسلامي؟ أم أنها تدخل في خانة الحرية الفكرية بقناعة ديمقراطية الاحتيال الغربي؟

         أما فيما يتعلق بغليان المدن العربية، بعد بث جزء من مهزلة شريط الإساءة الشنيع، فالمشاهد الإخبارية التي تناقلتها
    وسائل الإعلام العالمية،لنقف فقط عند العربية منها، تسيء للمسلم،وتزيد المتطرف في الغرب إيمانا في حقده وإساءته 
   إلى المسلمين، والإسلام بريء منها. مشاهد تعرض  الهجومات على بعض السفارات الغربية، تكسير ونهب وإحراق،
    وأغرب وأحقر اللقطات، لشاب، لا  أدري إن كان مسلما أو غيره، غنم آلة إيقاع كبيرة الحجم، وأطلق، بكل ما
    استطاع، رجليه للريح، كأنه انتقم للإسلام، وآخر يحمل شاشة آلة حاسوب، يلهث مسرع الخطوات حتى لا يلحق به
    أحد، وغيرها من صور الشماتة ذكرتني بأسباب هزيمة المسلمين في غزوة أحد، بطبيعة الحال مع فارق شرف الغاية بين
    الواقعتين. هذه  الصور تسيء لكل إنسان عربي ومسلم، ولو أننا لا نعلم حقيقة أن الفاعل، الظاهر على الشاشة، شاب
    مسلم فعلا. 
    
           أما حادث اغتيال السفير الأمريكي في سفارة بنغازي، مهد ثورة ليبيا الحرة، فأشك في أن يكون من تدبير أبطال
      الثورة الليبية، لأن الاستنفار الأمني حالة طبيعية تلازم سفارات الولايات المتحدة الأمريكية في بقاع العالم، وفي الدول
      العربية والإسلامية على الخصوص، تفرض حولها، بشكل مستفز للسلطة الحاكمة ولأهل المدينة، حراسة مشددة، 
      إسمنتية، بشرية، والكترونية، في الأيام العادية الهادئة، وبالأحرى في حالات الهيجان والانفلات الأمني، فالتشدد
      الأمني يتضاعف، لذلك أرى أن مقتل السفير الأمريكي تصفية حسابات المواقف الأمريكية، وهذا الموضوع لا يعنيني،
      لكن نندد بمثل هذه الاعتداءات القاتلة، والإسلام ليس مسؤولا عنها. أين الإعلام العربي الإسلامي المسؤول في
      التدقيق والمتابعة وكشف الملابسات؟
      
السلطة السياسية والإعلام:
 يتبع..
                                                                                      محمد رياضي
                                                                                       الدار البيضاء، أكتوبر 2012

vendredi 2 novembre 2012

الحكاية الثالثة (1): الإسلام وإساءة براءة الغرب (L'Islam et l’offensante innocence de l’Occident (I

متى نجعل من إنسانيتنا قضية؟
العربي أنا وحكايات الإنسان الآخر!

الحكاية الثالثة (1/5):                                                             الإسلام وإساءة براءة الغرب
                                                                                       من المسؤول ؟

إهداء : إلى أي مسلم إنسان، يناضل بقناعة أضعف الإيمان كواجب الفرد تجاه دينه وهويته وإنسانيته، في ظلال النكسات المذلة، وخذلان الدكتاتوريات المتواطئة، وحرقة شماتة "جولدا مايير" المسيئة لكل عربي ومسلم:"عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليل، وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة."

             الإساءة، حرية إرهابية:
             مع أواسط العشرية الأولى من الألفية الثالثة، بذريعة الحرية الفكرية، تزايد العنف اللفظي، والاستفزاز العرقي ضد الإسلام والمسلمين في الغرب، عبر نشر، وإعادة نشر، الرسومات الكاريكاتورية المسيئة إلى النبي محمد (ص)، ورفع شعارات معادية للإسلام، بالإضافة إلى سخافة أشرطة مشاهد تافهة، بعيدة عن فنون الإبداع الدرامي السمعي البصري بكل أصنافه، تسيء إلى النبي محمد (ص)، والإسلام، والعرق العربي على العموم. تستند، بغير شك، إلى قاعدة عنصرية متطرفة، مستمدة من ذهنية صليبية استعمارية، مدعمة بمزاجية قانونية احتيالية، متسامحة مع إرهاب الإساءة، والاستفزاز العنصري، بالدفاع وتبرئة المتحاملين على النبي محمد (ص) والإسلام، مما جعله بالتالي موقفا سياسيا رسميا للأنظمة والمؤسسة الحكومية في الدانمرك، النرويج، هولندا، ألمانيا، إيطاليا، سويسرا، فرنسا وغيرها.. موقف غريب وغير إنساني، يتعارض والمواثيق الدولية، وقوانين المجتمع الأوروبي نفسه الذي يحظر المس في شرف السيدة مريم العذراء، والتشخيص المسيء للشخصيات والمقدسات الدينية. فأين الموقف العربي الإسلامي الموحد من هذه المزاجية الغربية العنصرية المعقدة؟ 



         أزلام المؤامرات والإسلام:
            العالم مليء بصغار العقول، والقلوب المريضة، صدورهم مشحونة بالحقد المجاني، فوضويون، غير عابئين لا بدستور الأرض، ولا بعدالة السماء، يتواجدون في كل مجتمعات الأرض، مستعدون لكل ما هو دنيء وحقير، إنهم أزلام المؤامرات المحلية والجهوية والعالمية. نفسية خرقاء، عربية وعجمية، تفقد الاستقرار، وتعيش على الهامش، وتُستخدم في افتعال فتن وحروب هنا وهناك، ولإطاحة، من حين لآخر، بهذه الشرعية أو تلك، على مدى مراحل متعاقبة من زمن الهيمنة الاستعمارية وسياسة الاستغلال التي تشكك في الإيمان الروحي، وتلغي الحس الوطني والقومي والإنساني على العموم. سعيها السيطرة على عقل الفرد، والتحكم في مصير العالم، وربما يراودها وهم تدبير خطة خبيثة لنشوب حرب عالمية ثالثة، يدور رحاها المدمر في المنطقة العربية، لاستغلال ثرواتها، وجعلها مقبرة الجحيم للمسلمين والعرق العربي على العموم. لهذا، من حين لأخر، العقول الفاشلة، بشعار حرية الرأي والتعبير، وبدعم وقح  للقوى السياسية العنصرية المساندة بالقانون الاستحواذي، تتطاول على الإسلام، وتستفز المسلمين بالإساءة إلى النبي محمد (ص)، خاتم الأنبياء، جوهر روح المسلمين، الجامع للوجدان والفكر الإسلامي الإنساني، فلماذا تتطفل عليه العقلية الغربية الفاسدة، وتتعمد إحراق وجدان المسلم؟ ألتذله، وتلغي عقله، وتتحكم في مصيره؟ وعندما لم يعد طائعا لهواها، تتدبر أمر فضحه وتشويهه، وجعله فريسة شعبه، وأضحوكة التاريخ، كما وقع لبعض الأنظمة العربية المستبدة، خونة أوطانهم والقضية العربية؟ إنه شكل من الاستغلال العنيف، في استرقاق ضعاف النفوس، وافتعال الأحداث، وخلق أي رأي عام عدواني، يبرر أي تدخل أو غزو إرهابي فردي ودولي، لذلك لن يتعب الاستعمار الجديد في إيجاد، من حين لآخر، في حضيض مجتمعه الوغد التافه للتحامل على الإسلام، واستثارة غضب المؤمنين، وتحريض القلوب الساذجة، التي تسترزق بالدين، إلى خلق الفتن، ويجعل من الحقير المُسخر  بطلا رمزيا للحرية والصليب، ومن السذج المتمسلمين حطب النار المفتعلة لتبرير إساءته البغيضة ضد الإسلام، إنها الصورة الرمزية لبطولة الاحتيال في ديمقراطية الاستعمار الجديد.

  
              ديمقراطية الاحتيال والإسلام:
              تنبني ديمقراطية الاحتيال الغربي على تحالف مبيت بين السلطة السياسية والإعلامية والقانونية المتطرفة، في دعم وتبرئة مجرمي إرهاب الإساءة والإقصاء العنصري، والإخلال بالتزامات المواثيق الدولية، فشيء طبيعي أن يتزايد الإرهاب الروحي والفكري ضد الإسلام، والاستفزاز العرقي ضد المسلمين. فقبل أيام سببت سخافة طيش لقيط وجد مهده في أرض العم سام،  غضبا إسلاميا في الوطن العربي، وبقاع أخرى من العالم، وأشدها عنفا الحادث الذي أودى بحياة السفير الأمريكي في ليبيا، باعتبار أن اللقيط الطائش تبنته الجنسية الأمريكية، وهو عبارة عن مهزلة شريط لقطات تافهة، لا مصداقية له مضمونا وفنيا، ألزموه عنوانا حساسا مستفزا لمشاعر المسلمين "براءة المسلمين"/   The innocence of Muslims، وبعدها، يدعون في خرجاتهم الصحفية أن الشريط المهزلة لا يهدف إلى مهاجمة المسلمين، ولكن إلى إظهار العقيدة المدمرة للإسلام. لنساير الغبي على حد بلادته، فهل إظهار العقيدة المدمرة للإسلام هي الإساءة إلى النبي محمد (ص)؟ ماذا تريد أن تقول السلطة السياسية الأمريكية بهذا التبني المتعصب المغلوط؟ ما الغاية من ذلك؟
·        أين إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال ومظاهر التمييز العنصري ؟
·         أين قوانين المجتمع الغربي التي تحضر وتجرم الإساءة إلى الشخصيات والمقدسات الدينية؟    
·         أين المواثيق الدولية التي تقوم علي مبدأي الكرامة والتساوي؟
·        أين المواثيق الدولية التي تجرم إثارة الفتن على أساس العرق أو اللون أو الدين؟ 
·        أين إعلان الأمم المتحدة في تحقيق التعاون الدولي دون تمييز بأي سبب من الأسباب؟
·        ...

             أم هي ديمقراطية التفرقة والسيادة العنصرية؟ لا داعي لذلك، فدكتاتوريات مستعمراتها، رغما عنها، كانت وفية لشروط الطاعة الواجبة للبقاء على سلطة النفوذ، لكن إلى متى؟ فمهما طال زمن الفساد والذل يثور غضب الأرض الأصيلة، وتنقلب على سادة فسادها، فالتاريخ لا يرحم، تذكروا الانتفاضات الشعبية في العراق، تونس، مصر، ليبيا، اليمن، ومنذ أكثر من 18 شهرا في أرض الشام العربية، وستنتصر بإرادة الشعب، مهما أخرها، على حساب تقتيل المواطنين، وتدمير الوطن، ضغط مساومات المصالح الغربية والشيوعية والإيرانية، وينتهي حكم استبداد آل الهررة بلا رجعة.

            أم هي مؤامرات مؤسسات اللوبي الصهيوني؟ ربما، لكن ليس فقط الإسرائيلي، فالعربي والمتمسلم لهما دور فاعل أساسي وداعم في تقوية التبعية الذليلة وهيمنة طغيان قوى آل صهيون في الشرق والغرب.

        لكن ما يحيرني ليس ماذا تريد أمريكا، والغرب عموما، أو، كما يصيح الكثيرون، المؤامرة الصهيونية؟ بل ماذا أوصل مثل هذا البغيض النكرة، حضيض المجتمع الإنساني، إلى جمع المال وإنتاج تفاهة مشاهد تسيء إلى النبي محمد (ص)؟ 

        الجواب، الذي يتبادر إلى الذهن، بسيط، واضح وجلي للعموم، بطبيعة الحال ضعف الإيمان، ومؤامرة الصمت المتبادل، وخذلان مساومات الأنظمة العربية، التي أزاحتها الثورات الشعبية الأخيرة، وكشفت خفايا تاريخها الخائن، وطنيا وقوميا.

            التحديات والإسلام: 
يتبع..
                                                                                      محمد رياضي
                                                                                                 الدار البيضاء، أكتوبر 2012

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...