lundi 28 avril 2014

Suicide, in defense of the human face !! الانتحار، دفاعا عن ماء الوجه الإنساني

 متى نجعل من إنسانيتنا قضية؟
العربي أنا وحكايات الإنسان الآخر!
  الحكاية الخامسة:
الانتحار، دفاعا عن ماء الوجه الإنساني !!
ضحايا الإحراج وشهداء البراءة !! 
 إهداء: إلى أي عربي يتشبث بإنسانيته، ويحترم مواطنته، ويؤمن بالوطن كحزب وحيد مهما اختلفت القناعات.. 
  
الانتحار، دفاعا عن ماء الوجه الإنساني !!
ضحايا الإحراج وشهداء البراءة !!  
  
الانتحار نهاية لحالة نفسية إنسانية مكتئبة،  تعكس جبن وفشل المنتحرين، ولكل حالة نفسية ظروفها الخاصة المؤدية إلى رفض الاستمرارية في الحياة ، حالات تعود إلى أمراض نفسية وعقلية وتربوية وثقافية واجتماعية وعاطفية  وغيرها، ومهما كانت الدوافع التي تؤدي إلى  الانتحار فالأديان السماوية تجرمه، لعدة أسباب أهمها علاقة الإنسان بخالقه،  وأنا لا أرغب في إعطاء درس في ماهية الانتحار،  وأسباب ارتكابه، وكشف احصائيات ضحيا الانتحار في العالم العربي وباقي الدول، وإنما أريد طرح حالات انتحار الموقف، ضحايا خيانة الثقة  وشهداء المبدأ، حكايات عادية لأشخاص غير عاديين، تنازلوا عن السلطة والمجد والامتيازات بسبب فساد فاضح أو اتهام خاطئ أو مبيت واختاروا  الانتحار ..
ضحايا خيانة الثقة  وشهداء المبدأ:
حكايات ليست بأساطير لكنها غريبة عن واقعنا العربي والإسلامي، أرض المتناقضات، والدين برئي منها، أخص بالذكر  حكايات شخصيات سامية، شخصيات السلطة والنفوذ، وزراء ومسؤولين في دواليب الدولة وتدبير قضايا الوطن وشؤون المواطنين، ولسبب افتضاح تورطهم في فساد أخلاقي أو مالي، أو وقوع براءتهم في مؤامرة شبهة أو اتهام مبيت، وهي حالة نادرة الوقوع في العالم الغربي،  ومنعدمة قطعيا في أرض المتناقضات لأن الحصانة الدبلوماسية العربية تحميهم مهما عاثوا فسادا وفاحت رائحتهم .. لماذا؟ لا أدري، إنها عقلية السلطة المستبدة بروح استعمارية واللإيمان الراسخ بثقافة الاستحمار للشعب تحت شعار "لا وجه للسياسة".. أي تافه انتهازي عديم المسؤولية ادعى هذا الهراء؟ السياسة في الديمقراطية الإنسانية هي استراتيجية عمل واضحة،  خطة مدروسة لتحقيق أهداف محددة بعيدة المدى، معتمدة على تكتيك مرحلي يأخذ بعين الاعتبار أي تغيير ظرفي تاريخي واجتماعي، وبدونها لن يتحقق النجاح السياسي والتنمية المبتغاة، فتطغى ثقافة التغليط واللامبالاة والوقاحة و سياسة خيانة التراضي والفوضى، فشيء طبيعي بأن يبرر الفاسدون نفاقهم بعدمية وجه للسياسة، وبذلك يذمون أنفسهم، ويلغون وجوههم، ويا لوقاحة هذه النوعية من المسؤولين الفاشلين الانتهازيين فُساد الوطن !! في حين، في العالم الغربي، ديمقراطياتهم الوطنية تمجد الوطن، تحترم المواطن، وتؤيد الحق، والوطن فوق الجميع، وما للسماء للسماء ، وما للأرض للأرض،  فدبلوماسيتهم لا تمنعهم  من المحاسبة والمتابعة القضائية وفرض القانون ليس فقط على الوزير بل أيضا على رئيس الدولة، كما أشرت في مقال الحكاية الثانية    (riadimohamed.blogspot.com) تحت عنوان "روح الانتماء ووعي المسؤولية !!" ، فديمقراطيتهم تحاسب وتعاقب  من يستحق، فيُقال، أو يستقيل، أو ينتحر، فلا حصانة دبلوماسية للفاسد خائن المسؤولية..
الغرب وديمقراطية الوطنية الواقعية:
حفظا لماء الوجه:
 لنرصد حكايات  غريبة عن واقعنا العربي حدثت في الغرب، نستهلها بفرنسا، في عهد الرئيس فرنسوا ميتران 1916 و1996، بحكاية رئيس الوزراء الفرنسي بيير بيريجوفوا، المعروف بالطيبوبه والنزاهة والتواضع،  فعندما افتضح تورطه في قضايا فساد دولة، وبات موضوع استخفاف وسخرية المواطنين، لم يستحمل نفسه فوضع حدا لحياته في 1 مايو 1988.  
وفي بولندا2011  ، أندريه ليبر ، 57سنة، مؤسس حزب «الدفاع الذاتي» عام 1992، ونائب رئيس وزراء سابق، معروف بالاحتجاجات المناوئة للحكومة، أقيل من الحكومة للاشتباه في تورطه في أعمال فساد، وبسبب سوء سمعته على خلفية أخلاقية، عثر عليه شانقا نفسه في مكتبه..
وفي المعسكر الأسيوي حيث تنتشر ثقافة رمزية الشرف الانتحاري، شرف الكلمة والعهد والرباط والولاء والوطن، لكن سنكتفي بالانتحار  نتيجة فضيحة، ففي اليابان 2007 مثلا، انتحر وزير الزراعة الياباني توشيكاتسو ماتسوكا ، 62 سنة، بسبب فضيحة تتعلق بتبرعات سياسية وعقود مزورة، تم الانتحار قبل ساعات من مثوله أمام جلسة المساءلة..  
هذه نماذج مسؤولين وقعوا في شر أعمالهم، تورطوا في الفساد، وافتضح أمرهم، ولحفظ ماء الوجه نفذوا القتل في أنفسهم، والانتحار هنا  يأتي نتيجة الفضيحة وعدم قدرة المسؤول الفاسد على تحمل الإحراج الذي أوقع نفسه فيه ففضل رغما عنه الخلاص من لسعات نظرات المواطنين وجمرة ضمير خيانة المسؤولية والثقة الوطنية..
شهيد المبدأ:
أما الحكاية التالية فتختلف عن سابقاتها حيث الضحية بريء من التهمة التي وجهت إليه، إنها حكاية المسؤول المطعون في براءته، حكاية وزير خزانة أمريكي اتهم بخيانة الأمانة والفساد، وهو بريء من التهمة، واستطاع أن يؤكد بالدليل القاطع براءته للجنة التحقيق، لكن عزة النفس لم تبتلع الاتهام فقرر السيد الوزير الانتحار ليؤكد براءته الاجتماعية والوطنية.
فالانتحار في النماذج الثلاث الأولى نتيجة لفضائح فساد مضبوطة بالحجة والدليل، أما في الأخيرة فبسبب براءة المتهم ورفضه المطلق للتهمة  احتراما لعزة نفسه الاجتماعية والوطنية والإنسانية، ومهما كانت الأسباب  فالانتحار مرفوض دينيا ومحتمل إنسانيا عند أهل الضمير الحي، لكن ظلم قاس أن يتهم شخص في نزاهته وهو بريء من التهمة، كما في حكاية وزير الخزانة الأمريكي، لكن ما قيمة المسؤول اجتماعيا ووطنيا وإنسانيا عندما يفتضح تورطه في خيانة الثقة وفساد المسؤولية ويستمر، دون عقدة نقص، في ممارسة عمله برعاية الحصانة الديبلوماسية ؟ وما أكثرهم في الرقعة العربية..
العرب وحصانة ديمقراطيات لعينة :
ففي الوطن العربي، حيث تسود على العموم سياسة التراضي، والولاء الانتهازي، والحقد الاجتماعي، والنفاق الوطني، والابتزاز السياسي من خلال مزايدات الفاشلين والخونة المتبنين لسياسة الوطن المحروق، روح الاستغلال الاستعماري، على حساب الشعب والدين، فيطغى الفساد بشكل فادح، وبأوجه مختلفة، سياسيا ودينيا واجتماعيا، والحصانة الدبلوماسية تغظ النظر عن المفسدين بشكل وقح سافر، فكم من خردة أسلحة وطائرات وأدوية تم اقتناؤها على أنها جديدة الإنتاج، وكم من وزير خان المسؤولية وأجرم في حق الوطن والمواطن ولا محاسب.. فهل سمعنا بواحد انتحر؟ إلا من دُبر اغتياله لأنه تملكه جشع طمع الإنفراد بمشروع  فساد، والمزاحمة غير مسموح بها في عالم الفساد، يحتكرها فقط أبناء العائلة والعمومة والزعامات المفروضة.. 

الدبلوماسية الخارجية:
سأحكي لكم قصة من الواقع الدبلوماسي العربي المخزي، قصة سفير يجهل بتاتا لغة الدولة التي تستضيفه، والسفير هو ممثل الدولة في البلد المستضيف، ومن مهامه تدبير شؤون جالية بلده، وتسهيل أمورها الإدارية والقانونية والاجتماعية في البلد المغتربة فيه.. ظل في منصبه لسنوات، يعتكف في إمارته المسيجة "القنصلية"،  وحاجياته تقضى كأنه أمير من الأمراء التافهين، في حين ظلت قضايا الجالية عالقة، ووثيرة قضائها جد بطيئة ومعقدة، لم يهتم لأمرهم، ولا لتلميح صورة الوطن، وأعداء الوطن، من خلال جمعيات  مسيرة ، يفتعلون احتجاجات ويتدبرون مكائد ضد الوحدة الوطنية.. ومن باب السخرية السوداء أحكي لكم ما روى لي صديق صحفي، كان يتواجد في معرض الفلاحة الدولي الذي أقيم في عاصمة تلك الدولة،  كان يوم الختام يتجول لتقتنص عيناه ما يمكن اقتناصه، وفجأة، ولسوء حظ حرم معالي السفير، لمحها تقوم بزيارة خاطفة لأروقة فلاحي بلدها، تقدم نفسها حرم سعادة السفير ليسمحوا لها بأخذ الفريز، الفراولة، وجمعت كل ما صادفته أمام استغراب الكل من أصحاب الشعر الذهبي والأسود .. فشيء طبيعي أن تهمل قضايا الجالية، وتتراكم مشاكلهم،  وترتفع تنديداتهم حتى بحت أصواتهم، وبعد انتظار متعب، بطبيعة الحال، لم يجرؤ سيادة السفير المهمل للمسؤولية والرسالة الوطنية على الانتحار، ربما يخاف الله، بل تم نقل سيادته سفيرا في مهمة تتطلب نضجا سياسيا وضميرا وطنيا وفيا ولسانا مقنعا؛ إنها غرابة عقلية  السلطة السياسية العربية..  
شخصيات غير مسؤولة ولا تاريخ لها:
كما يمكن أن نجد في الوطن العربي شخصيات حزبية لا تاريخ لها، اختلقت من عدم، وبدعم مخزني خفي، أومخابراتي خارجي أيضا، أنشأت أحزابا، واكترت من ينبح لها ولشعاراتها، ويجعلها رموزا للوطنية والقومية والتقدمية.. ومن يطبل لهذه النوعية من الشخصيات الانتهازية الوسخة ؟ نفوس بئيسة تافهة وفاشلة ومستعدة لحضن ابليس من أجل لاشيء،  تخون وتعيث فسادا، وتكرس حياة التسول والتبعية الذليلة، فقراء الروح، لأن الفقير المعدوم ماديا له عزة نفس، ويرفض أن يتسول ويخون، فكرامته الإنسانية تمنعه من ذلك، كما أن المتدين المؤمن لا يسب ويشتم في أعراض الناس مهما كان جرمهم، ومثل هذه النماذج الفاشلة يتملكهم الحقد الاجتماعي، وبدعم الفاسدين وخونة الوطن، منهم من تمكن أيضا من خلق جمعيات انتهازية يساوم بها في احتجاجات مفبركة، فساهمت بالتالي في انتشار الوقاحة والفساد والجريمة حتى بات الأمن، أتكلم عن  النزيه، يخاف القيام بمهامه، خوفا من أية وقفة احتجاجية مفتعلة ضد نزاهته..
الثراء وسياسة التجويع:
وعلى مستوى القطري، هناك دولة عربية من الأوائل في انتاج وتصدير البترول، وشعبها يعاني الفقر الاجتماعي، يركع تحت وطأة حزب عسكري يمارس عليه جل أنواع التفقير والمجاعة، وعائلات جينيرالات الحزب الحاكم يستمتعون بأموال الشعب في دول غربية ولا محاسب..
لا مجال للمقارنة:
أين العرب من ديمقراطية الغرب؟ لا مجال للمقارنة، فقط لأخذ العبرة، في الغرب الأحزاب محدودة ومعروفة،  والمصوتون على وعي بمسؤولية اختياراتهم، فلا أحد يحتج ضد النتائج ، بل وصلت الأمور عندهم بالتصويت عبر البريد دون الانتقال إلى صناديق الاقتراع. كما يقدمون مساعدة في اختيار الحزب المناسب  حيث يضعون اختبارا بسيطا يمكن الفرد التسجيل فيه، و يجيب على الأسئلة المطروحة، و في النهاية يحصل على الحزب الذي يناسب فلسفته وقناعاته.. فالأحزاب والمصوتون يؤمنون بحزب واحد هو الوطن، ألم أقل لكم لا مجال للمقارنة؟ ومع ذلك ييقى الضمير الإنساني حيا في أرض المتناقضات، الوطن العربي والإسلامي،في استثناءات قليلة تؤمن بالحزب الواحد الوطن، واحتراما لها لا تزال الشمس تشرق، ولهذا فهي لا تشعر بأي نقص أمام الغرب، لأنهم ليسوا أفضل منا نحن العرب إلا في ديمقراطيتهم الواضحة في تنمية المواطن والمجتمع، فإلى متى سنظل نشعر باحتقارنا لأنفسنا كلما تأملنا ديمقراطيتهم وولاءهم لأوطانهم وإنسانية مواطنيهم؟.
                            محمد رياضي

                                              البيضاء، أبريل 2014

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...