jeudi 15 septembre 2011

الدراما التلفزيونية المغربية! 1


إهداء: إلى روح الفنان المبدع محمد عصفور، إبراهيم السايح، محمد الركاب، محمد بوعناني، إدريس التادلي، العربي بن تركة، مصطفى التومي، عبد الرحيم إسحاق.. وغيرهم من جيل الرواد والتضحية في العملية الإبداعية المغربية، السينمائية، التلفزيونية، المسرحية، والنقدية..  
وتحية تقدير إلى الفنان والمثقف المبدع الطيب العلج، الطيب الصديقي، نورالدين الصايل، جيلالي فرحاتي، شفيق السحيمي، محمد حسن الجندي، فريدة بن اليزيد، محمد باكريم، حمادي كيروم، خالد الدامون، مصطفى المسناوي،  الزوبير بن بوشتى، محمد بوغابة، عبد القادر لقطع، علي أسماعي.. وغيرهم من رموز استمرارية شعلة التضحية من أجل إبداع مغربي متميز..     

أوراق:
الدراما التلفزيونية المغربية !
عرفت الساحة الدرامية التلفزيونية، منذ بداية الألفية الثالثة، انتعاشا ملموسا، أغنى الخزانة التلفزيونية بتراكم من الأعمال الدرامية المغربية، ولأن الإبداع الحقيقي يتمثل في الكيفية وأسلوب صياغة الحبكة الدرامية بصريا، لم يستحسنها ويتفاعل معها المشاهد المغربي، فمجمل الأعمال، أقول مجمل، لم ترق إلى مصداقية الإبداع الدرامي، لأنها تفتقر إلى  تناغم مكونات السرد الفيلمي، بين النص الدرامي والرؤية الإخراجية، في تناول ومعالجة قضايا وحالات سيكولوجية، وطرح الأفكار والمواقف ووجهات نظر.
من المسؤول؟  هل يرجع ذلك لضعف السيناريو ومقومات البناء الدرامي؟ أم لضعف الرؤية الإخراجية ؟ أم للجشع والتطفل على الإنتاج؟ أم لغياب إستراتيجية عمل واضحة؟ .. من المسؤول في تشويه وجه الدراما المغربية؟ ..

الورقة 1) السيناريو: موهبة، ثقافة، خيال، تقنية ومسؤولية 
كتابة السيناريو ليس فنا بلاغيا، يشترط أستاذا جامعيا، أو أديبا، أو فنانا، بل فن قائم بذاته، له شروط وقواعد، بالإضافة إلى الموهبة، والثقافة السينمائية، التي تنمي مخيلة السيناريست، وتقوي معرفته بالسيناريو ومكونات البناء الدرامي. ولأهميته كأرضية وأساس مشروع عمل فيلمي، قيل الكثير عن النص اللغوي الدرامي، وحملوه مسؤولية ضعف الفيلم المغربي، وفي الحقيقة  السيناريو بريء براءة الذئب من دم يوسف (عليه السلام).
أزمة النص !
أعتقد أن أزمة  النص، الذي يحسب على ضعف الفيلم المغربي، هي أزمة عالمية، ولتجاوزها تقوم شركات الإنتاج في أهم عواصم الإنتاج العالمية، بشراء الأفكار المقبولة مبدئيا،  ويقوم كتاب متخصصين في الكتابة الفيلمية، يعملون لصالح تلك الشركات، بتعديل تلك الأفكار، وصياغة قصص درامية بصريا، تعتمد حبكة درامية مقنعة. ونحن في المغرب، لا نزال في مرحلة ما قبل دخول مدرسة السيناريو، رغم وجود أسماء غالبيتها مفروضة بعقلية التراضي الانتهازي، وأخرى، ناذرة، بعناء تميز حضورها بقوة المعرفة والبحث وطرح الموقف، فمبادرة التلفزيون دعم قوي لنشأة وتكوين المنتوج الدرامي الوطني، وتفعيل دينامية التنافس لتطوير آليات الكتابة الفيلمية واللغة البصرية الدرامية التلفزيونية والسينمائية على العموم، مضمونا وشكلا، لكن كثافة الإنتاج ليست بالضرورة حالة صحية، فالمحسوبية والانتهازية تفتح شهية جشع من هب وذب لقضم قطعة من كتف "تشجيع المنتوج الوطني"، إلى درجة اشتدت شهية المتطفلين على الفن، فأفرخت التجربة من يجمع  بين السيناريو، والإخراج، والإنتاج،  وضاعت جودة الدراما مع حسابات مزاجية ونزوات جيوب المتطفلين.
السيناريو وغياب اللغة الفنية والجمالية..
لم يتمكن السيناريو، لحد الآن، رغم دعم التلفزيون، أن يحدد معالم شخصيته، وتُحمله جهات أخرى، محسوبة على الفن وخواطر صحفية، مسؤولية العلة المرضية التي يعاني منها الفيلم المغربي؛ وفي الحقيقة، النص الدرامي، الملقب عالميا بالسيناريو، بريء من التهمة،  فالسيناريو له شروطه الخاصة، إنه المادة الخام لأرضية مشروع فيلم بصري،  إنه الهيكل العام الموحد  لنسق منظوم بين الكل وأجزائه، من خلال وحدات بنائية مترابطة تدعى المشاهد، محددة بالزمكان،  تقدم الشخصيات وحواراتها، تحركها دوافع خارجية وأخرى داخلية، في إطار صراع درامي تصاعدي،  يندفع تدريجيا نحو الحل والنهاية، وذلك بأسلوب سلسل وترتيب محكم، بعيدا عن الافتعال والمباشرة. يعتد خطا قصصيا دراميا ينفرد بأسلوب لغوي سلسل، يختلف عن الأعمال الأدبية الأخرى، التي تعتمد على متعة القراءة وجمالية اللغة، يستخدم كلمات مركزة، وفقرات مقتصرة، في إطار مشاهد مرتبطة في تناغم منظم،  تحكي، في تصاعد درامي محكم، تطور أحداث القصة والشخصيات، انفعالاتها، وصراعاتها، وحواراتها، وضبط النقط الزمنية في تحول الأحداث واندفاعها إلى التصعيد ثم إلى الحل؛ والتمكن من ضبط  أسلوب  النص الدرامي، ومعرفة مكونات البناء السردي، لا يتوقف فقط على معرفة قواعد كتابة السيناريو، أو دراستها، وإنما أيضا على الموهبة، والمخزون الثقافي، والاجتهاد الشخصي للسيناريست، فثلاثية البناء السردي للحكاية عند أرسطو، بداية وسط ونهاية، لم تنزل من السماء، وإنما، أكيد، نتاج التطور التاريخي للعصور الثقافية الفكرية والأدبية والفنية السابقة، واجتهاد أرسطو، جسر التواصل الفاعل في استمرارية عملية الاحتكاك والتطور إلى العصور الموالية، ثم  إلى ما وصلت إليه في العصر الآني. فأساسيات الأسلوب الفيلمي،  يستمدها كاتب السيناريو، المثقف المتمكن، بالأساس من الاجتهاد الشخصي، والتراكمات الأدبية والفكرية والفنية التي تختزلها ذاكرته من تنوع المرجعة الثقافية والمشاهدة المستمرة المتنوعة الأصناف الفيلمية. وعند خوضه كتابة نص درامي، تطول معاناة آلام المخاض ساعات وساعات ، أيام وأيام ، شهور وشهور، يستشير  فيها السيناريست، الموهوب المثقف، الحكايات، والقصص، والتجارب الإنسانية، ويستفسر الكتب، والمجلات، والمتخصصين وغيرها، يتقصى أثر الدواء الفاعل لتنشيط شرايين الحالة الصحية لاستحمال وجع المخاض بسلام،  وتجاوز مشاعر الخوف والألم لحظة الولادة المهيأة لمشروع فيلم تلفزيوني أو سينمائي.. وبعدها، تأتي مرحلة الانجاز البصري فلسفيا، وفكريا، وجماليا، التي تعهد إلى فنان مثقف له رؤية، ومتمكن من أدواته الإخراجية.
إن لم يستطع السيناريو المغربي أن يرسخ شخصيته بعد، بالشكل المحترم عالميا، فالسبب يعود إلى المتطفلين ، الذين قفزوا إلى فوضى سوق "تشجيع المنتوج الوطني"، يتباكون، يتمسكنون، ويتوسلون، ويتحينون فرص التسول في مستنقعات الصفقات المشبوهة. فغالبية ما قدم ليست بنصوص درامية، وإنما مجرد أفكار بسيطة لم تتبلور إلى مستوى نص درامي، وإن وجدت بعض النصوص، الصالحة كمادة خام أولية لمشروع فيلم درامي، فإنها لم تجد مخرجا فنانا، يعيد قراءتها، وتعديلها وفق تصور درامي خاص، فنيا، ومعرفيا، وجماليا، يجعلها أكثر إثارة وتشويقا بصريا، فصورت كما جاءت في كتابتها الأولية.
جفاف الخيال البصري:
فبعد سنوات من دعم التلفزيون، للدراما المغربية، برزت بعض الأقلام النابضة برغبة الكتابة الفيلمية، وتؤمن بأهمية حرفية السيناريو، لكن مواليدها استحوذ عليها  أشخاص، يفتقرون إلى الإبداع الإخراجي، منهم من أسره زمن الرتابة، وخانته الذاكرة، فضاعت منهم قواعد الصنعة والإبداع ؛ ومنهم من  يعاني من جفاف الخيال، ويختفي خلف لغة موليير لاعتبارات وهمية، يدعي أنها لغة الفن والإبداع ؛ وأنا أقول لهم إنها مسألة عقل وخيال وليس لغة، فما يكتب، يا ناس، بلغة موليير يمكن أن يكتب بلغة العم سام، وبلغة الضاد، وبكل لغات العالم؛ وآخرون من النبهاء، بقدرة قادر، باتوا مخرجين، فصوروها كما هي على الورق، لم تتجاوز النسخة الأولية للسيناريو ، فأتت "خزعبلاتهم" فارغة من اللغة البصرية، في الوقت الذي يفترض فيه على المخرج، في إطار ميثاق التكامل المهني، على الصعيد العالمي، في الصنعة الفيلمية بين السيناريست والمخرج،  من فهم النص الأصلي، واستيعاب فكرته المحورية، ودعمها برؤية إخراجية درامية يتفاعل معها المشاهد بصريا وعاطفيا وذهنيا.
فضعف الفيلم المغربي، يا ناس، لا يتحمل السيناريو وحده المسؤولية، وإنما من يسترزق بالعمل الدرامي، ويسطو، بقدرة قادر، على السيناريو، ويتطفل، ببركة القادر نفسه، على الإخراج، ويتطاول الحذق منهم، على الإنتاج أيضا، بما فيهم بعض الأسماء التي تعتقد نفسها أهراما فنية، ووهم الأقدمية، يسمح لها بأن تستحوذ على أية كتابة سردية، وتصورها كما هي دون أي تعديل، واجتهاد فني..
من المسؤول؟
الفيلم التلفزيوني عمل متكامل بين السيناريو والإخراج، وما يعانيه من ترهل لا يعود فقط إلى علة في ذاتية السيناريو وإنما إلى ملابسات الصفقة لإنتاج المشروع الفيلمي..  إذن من المسؤول؟
 السيناريو؟
الإخراج؟
الإنتاج؟
التلفزيون؟
الجهة الوصية؟
أم..؟..
فريثما تنتهي تحريات محقق مباحث سري في تحديد المسؤولية، لنستفسر الإخراج في هذه النازلة !

                                                                              محمد رياضي
                                                                           البيضاء، شتنبر 2011

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...