mardi 30 juin 2015

"الزين اللي فيك" منتوج كثير من الجنس..2/4



 "الزين اللي فيك" منتوج كثير من الجنس..
أين الجرأة؟ أين المعالجة؟ أين الإبداع السينمائي؟
2/4
درب الهوى: جرأة وإبداع وموقف..
جميل أن يتناول أي مخرج فنان عملا جريئا يكشف واقع ظاهرة إجتماعية معينة، لكن أن تتميز المعالجة بعناصر ومقومات الدراما، من خلال سيناريو متماسك بأحداثه وشخصياته وحواره، ورؤية إخراجية وفكرية ابداعية معبرة، تمزج بين الواقعية والرمزية الإيحائية، رؤية مقنعة ومسؤولة بموقفها الفكري الاجتماعي والجمالي عن الموضوع المتناول، وهنا يأتي إلى ذهني أحد الأفلام المصرية الجادة والجريئة، انتجت في بداية الثمانينيات، فترة كان للرقابة دور العسكري المستبد القاهر، كما هو الحال في سائر العالم العربي حينها، وناله المنع لسنوات. إنه فيلم "درب الهوى"، إنتاج 1983، ولا مجال للمقارنة بين فيلم سينمائي جاد جريء يطرح، ويعالج، ويتموقف، ومنتوج يهدي ويهدر كل القيم، فقط يثير الشهوات والانحطاط الجنسي..
تتمحور فكرة "درب الهوى" حول: "فساد الجسد من فساد السياسة"، تدور الأحداث حول فندق للدعارة، يطلق عليه "فندق الأميرات"، يحميه رجل سلطة حامي الفضيلة، وتكشف الأحداث كيف يتم استدراج الضحايا و ترويضهن ليصبحن باغيات بالقوة، ومن حاولت الفرار تعاقب شر عقاب.. يقف وراء جدية المضمون الهادف وجودة القيمة الفنية لهذا العمل السينمائي الجريء قصة مؤثرة لإسماعيل ولي الدين، وسيناريو متماسك للسيناريست المتمكن مصطفى محرم، وحوار درامي راقي لشريف المنباوي، وحسن اختيار أجود الممثلين الشباب حينها، يتقدمهم أحد رواد الفن المسرحي والسينمائي والتلفزيوني في شخص الفنان المبدع المرحوم حسن عابدين، ولغة إخراجية معبرة للمخرج البارع في سينما الحركة والدراما الفنان المبدع المرحوم حسام الدين مصطفى..
في "درب الهوى" كل مشهد فيلم قصير في حد ذاته، وكل لقطة من لقطات المشهد تضيف معلومات ضرورية في تصاعد أحداث البناء الدرامي، وتشد المشاهد، ويتفاعل معها ومع شخصياتها، وكل شخصية حكاية مع الحدث الدرامي "الدعارة"..
حسن إختيار الممثلين..
والشخصيات مختارة بدقة، ومقنعة في بنائها الدرامي، نتعرف عليها تدريجيا مع تتابع الأحداث، ونتعرف على الظروف التي رمتها إلى فندق الدعارة، نماذج واقعية تحمل صراعا داخليا وتعيشه في تفاعلها وتصادمها في واقع اجتماعي عنيف لا يرحم.. شخصيات يجسدها أمهر الفنانين الشباب حينها، أتبثوا مسيرتهم الفنية المتميزة بعد ذلك:
-
الفنان "محمود عبدالعزيز" في دور "معلم صالح"، أداء رائع ومقنع لدور "قواد" صاحبة وكر الدعارة، شخصية معقدة بالماضي السيء للأم وظروف الفقر التي عانى منها الابن كثيرا، ومع ذلك لم تنزع الظروف القاسية من عمق الشخصية المعقدة الجانب الإنساني، أحب "سميحة" ولم يرحمه غدر المجتمع..
-
المرحوم الفنان البارع المتمكن "أحمد زكي" في دور "عبدالعزيز"، المثقف الملتزم في مجتمع فاسد لا يرحم التربية الحسنة والأفكار النيرة البناءة..
-
الفنان "فاروق الفيشاوي" في دور "مراد"، المثقف الانتهازي، صاحب مزاجية رخيصة، لا يؤمن بالمبادئ وقضايا الوطن والقيم الإنسانية ..
-
الفنانة "يسرا" في دور "أوهام"، اضطرت أوهام للدعارة لتساعد أسرتها، بعد القبض على شقيقها في قضية مخدرات، فباتت المرأة الإنسانة في عمق أوهام الباغية مجرد أوهام، لكن لقاءها ب"عبد العزيز" المثقف الملتزم حرك فيها المرأة الإنسانة، ولم يمنحها المجتمع حق عيش ذلك الاحترام، فظلت أوهام مجرد وهم..
-
الفنانة المكتملة المرحومة "مديحة كامل" سيدة الاغراء بلا منازع في دور "سميحة"، هاربة من عدوانية زوجة الأب، بنية إيجاد أي عمل شريف، لتجد نفسها استدرجت إلى بيت الدعارة، وباتت تحت بطش المعلم "صالح" الذي منح للشرف عطلة، وبالعنف القاسي رضخت "سميحة" للواقع السيء، وسيستغل المثقف الإنتهازي "مراد" سذاجتها، ويجعلها تستغل حب "صالح" لها ليصل إلى أطماعه التي ستقتله بيد "سميحة" نفسها..
-
الفنانة "شويكار" ثقة كبيرة في النفس في دور "حسنية" صاحبة فندق الدعارة، ربما تكون رمز لما يريد الفساد أن تكون عليه مصر حينها..
-
فنان التشخيص الصعب"فاروق فلوكس" في دور "سكسكة"، الخادم الضعيف المخنث، وأبدع في دوره الصعب..
-
و الفنانة "أمل إبراهيم"، ذات شخصية درامية خاصة بها في الساحة الفنية، في دور "زينات" العاهرة المتمرسة في مراقصة حمق مزاجية السياسي، تعاطف معها المعلم "صالح" عندما عاين الفقر المدقع الذي تعاني منه العائلة، ولقاءه بابنها "صالح" الصغير زعزع طيش مزاجيته، وتغيرت عدوانيته إنسانية، ورفض أن يصبح صالح الصغير "ابن فنطازية" مثله، فمنع "زينات" من العودة إلى الدعارة، وعاهدها على المساعدة المادية..
-
وقمة الابداع التشخيصي للفنان المقتدر المرحوم "حسن عابدين"، أداء مقنع لشخصية الزعيم الباشا عبدالحفيظ، السياسي المدافع على الفضيلة والشرف، وفي نفس الوقت حامي الفساد والرذيلة في فندق الدعارة..
حوار درامي..
يتميز الفيلم بحوار درامي إيحائي جميل، يحمل عكس ما يعلن، نرتاح لسماعه، حوار درامي ساخر معبر في عكسية دلالته، نستوعبه، يضحكنا التضاد الذي يحمل، وتزعجنا إيحائياته، لكننا، رغما عنا، نتقبلها لأنها موجودة فعلا في واقع المجتمع المصري كنموذج والعربي على العموم.. ففي عمق عنف دراما الاستغلال الجنسي يقول القواد "صالح" لإحدى ضحايا الفندق:"أنا أحب النسوان لتخدم معي يكون عندها أخلاق.."، وعندما تسأل "سميحة"، الضحية الجديدة بالفندق، الخادم "سكسكة" إن كان المعلم "صالح" زوج صاحبة الفندق، يسخر "سكسكة" من كلامها بالرد أنه زوجها في الوقت الضائع، ونفهم ما يقصد دون سماع ما يخدش الحياء..
إخراج معبر ..
اللغة الإخراجية واقعية وإيحائية للمخرج حسام الدين مصطفى، أحد أمهر مخرجي أفلام الحركة والدراما أيضا، ومن أبرز أعماله الدرامية السينمائية إلى جانب "درب الهوى" نجد "السمان والخريف"، "الإخوة الأعداء"، "الرصاصة لا تزال فى جيبى"، "الباطنية"، "وكالة البلح"، "غرام الأفاعى"، "الحرافيش"، وغيرها من الأعمال الجادة التي تشهد على توجهاته الفكرية والثقافية والوطنية..
لا مجال للمقارنة بين جرأة الجدية ووقاحة الرداءة..
"
درب الهوى" دراما سينمائية جريئة بوعي حذر، ولا مجال للمقارنة بين فن جميل راقي هادف وممتع وجريء بعيدا عن الميوعة والعربدة، عمل جاد يثير شهوة الغريزة وعفة الإنسانية، يثير حالة شبق مسعور وحالة الاحتشام واللياقة، ويثير همجية الافراط وحسن الاعتدال، و"الزين اللي فيك" منتوج رديء ووقح يبحث عن نشوة مجهولة، غايته تدمير القيم وتمييع العلاقات والحياة بشكل عام، باعتبار أنه واقع، وحتى إن سلمنا بأن المنتوج يتناول الدعارة، ويكشف رذالة الواقع المستور، بسبب البترودولار، كما يدعي، فهل حقا تناول المنتوج المستور في واقعه؟ هل كشف مستورا؟ وكيف قدمه فنيا؟ المنتوج حالة مضطربة وغير ناضجة تؤدي إلى الاستمناء..
يتبع
قراءة عن منتوج "الزين اللي فيك" .. محمد رياضي



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

حيرة وجود..

  حيرة وجود .. سمة حورية أسطورية، وعناد نخوة جاهلية، وكبرياء أنثى إنسان، بملامح طفلة غامضة دائمة الحزن والابتسامة، صادفها في حيرة وجود، تا...